طلاب المدارس.. الموت الرخيص والسهل
حوداث السير كلها مؤلمة، وما عليك الا أن تقتبس واحدة من حكايات حوداث السير للحديث عن فواجع الموت اليومي : السهل والرخيص، حكايات عن الموت لا تنتهي، فقبل أن تسأل عن مستوى التحصيل التعليمي للطالب فما عليك الا السؤال عن حياته وأمان مسار رحلة ذهابه وعودته من المدرسة الى البيت.
الطلاب الذين قتلوا داخل وخارج الحرم المدرسي وفقا لاحصاءات تبعث عن ارقام مرعبة ومخيفة، فحوداث السير حصدت ارواح 50 طالبا خلال اقل من 3 شهور، ويبدو أن الوضع ذاهب الى ما هو أسوأ خلال العام الدراسي الجاري وانه لن يكون افضل، حقيقة لا بد من الاعتراف بها مهما كانت المحاولات الرسمية لبث ما هو مغاير ومعاكس.
والسؤال الابرز الذي لا بد من فرده أمام المعنيين دون مواربة : من هو المسؤول عن حوادث طلاب المدارس وأين التقصير ؟ وكيف يمكن تلافي هذا الموت الرخيص والسهل ؟ وفي كل عام حادث سير مروع يقع تطرح ذات الاسئلة، ولكنها تصد دون أن يطرح اجابات وافية وشافية حولها.
حافلات صغيرة ومتوسطة تستخدم لنقل طلاب المدارس، ولا يتوفر بها ادنى شروط السلامة والامان المروري، تراها يتكدس بها الطلاب وتسير بسرعة جنونية على شوارع عمان، بل إن أكثر ما يثير الغبطة أن حافلات نقل الطلاب باختلاف احجامها والوانها واشكالها وهي تحمل لوحة نقل خصوصية تحمل اعدادا من الطلاب يفوق طاقتها الاستيعابية.
هذا المشهد متحرك في عمان من امام بوابات المدارس الحكومية والخاصة، وللوهلة الاولى يخال لمن يدقق النظر في الحافلات أن من في داخلها يتراكمون فوق بعضهم البعض. وما يدعو للقلق أنها تنطلق بالسير بسرعة جنونية تميزهم عن بقية المركبات المنتشرة في الشوارع.
وما هو مثير للانتباه، أن اصحاب الحافلات تربطهم باولياء الطلاب علاقات مقاولات لنقل الطلاب من المدارس في رحلتي الذهاب والعودة، فلا يبقى أمام صاحب الحافلة الا تكديس العدد الاكبر من الطلاب وخصوصا الصغار منهم والسير بسرعة جنونية، حتى يسجل عددا أكبر من» النقلات «، ولو على حساب راحة وسلامة الطلاب.
ادارة السير لا تبخل في جهدها في تتبع وملاحقة حافلات نقل الطلاب غير المرخصة، وكثيرة هي الحافلات المخالفة التي تم ضبطها، ولكن يبدو في تتبع هذه المسألة أن ثمة مسؤولية صريحة وواضحة يتحملها اهالي الطلاب ولا يمكن التغاضي عنها، فكيف يرضى ولي الامر أن يذهب اولاده بهذه الطريقة الى المدرسة، دون ايلاء السلامة العامة ادنى حد من الاهتمام اللازم والمطلوب.
فاولياء الامور يستسهلون من ناحية ما وسائل نقل غير مؤهلة ولا مرخصة قانونية ولربما للبحث عن كلف مالية اقل وعدم قدرة على تحمل اعباء مالية مضاعفة على رحلة الذهاب والعودة من المدرسة، ولربما الواقع المتردي لمسألة نقل الطلاب لا تتعلق بمنطقة ما، بقدر ما تفضح منطومة النقل العام الفقيرة والضعيفة والعاجزة عن تقدير ابسط الخدمات للشرائح الاجتماعية الفقيرة ومحدودي المداخيل، وكما يبدو فانهم بامس الحاجة اليها في الوقت الراهن.
حوداث السير يتكرر وقوعها وتودي بحياة طلاب ابرياء، ولربما أن ما قد يزيد من تفاقمها الاعداد الكبيرة من الحلافات غير القانونية التي تدخل الى نشاط نقل طلاب المدارس، وسط صمت حكومي مطبق لتستر اخفاق الجهات الرسمية المعنية في ايجاد وسائل ووسائط نقل عام ترتقي الى المستوى المأمول والمطلوب.
من المؤكد أن الموت الرخيص والسهل لطلاب المدارس يفرض على جميع الاطراف المعنية أن تتحمل مسؤولياتها، حتى لا نسطر كل اسبوع حديثا جديدا عن مقتل طلاب ابرياء على شوارع عمان المختنقة بالازدحام والاختناق المروري.
الدستور 12/4/2017
