قبل فوات الأوان
نجاح الاستفتاء في تركيا يعتبره البعض انتصارا لجماعة الاخوان المسلمين، وفي واقع الحال هو كذلك فعلا والامل ان يثبت الامر اهمية مراجعة سياسات دول في علاقاتها مع هذه الجماعة وايجاد السبل لتفاهمات معها وهي التي اثبتت طوال الوقت اعتدالها وعدم تزمتها واستعدادها لقبول الآخر، لكن ضمن حقها في العمل السياسي والاجتماعي والدعوي، والامر ليس عليه غبار، فهي التي اثبتت رشادها في الاردن متعاونة مع العديد من الحكومات، كما انها كانت راشدة ووازنة ومشاركة في مصر طوال فترة حسني مبارك، رغم انها كانت محظورة فنيا وليس عمليا.
وليس خافيا حالها في تونس والمغرب وهو ظاهر بعصرية واستعداد لتداول السلطة في اطار البرامج والثوابت الوطنية. وتركيا في العموم مثالا لحكم الاسلاميين وذات الحال في دول اخرى بما لا يدعو ابدا للنفور منها كونها اسلامية، وجلي الامر ان ما قام به السيسي من منع واعتقالات للجماعة قد اتاح البديل المتطرف الذي يرفضه الاخوان اصلا، ومحاولته إلصاق العمليات الارهابية بها لم تفلح لأن ما يجري في سيناء لا يمت للاخوان بصلة ولا لحركة حماس ايضا.
فالتطرف صنعته سياسات قاصرة وهو ينمو كبديل عن الاعتدال الذي مثلته الجماعة طوال الوقت، ولو ان الفرصة اتيحت كاملة للرئيس المنتخب محمد مرسي لكان حال مصر الان سيرا نحو ديمقراطية قد تستبدله في اي انتخابات، فالذي يصعد بموجبها ينبغي ان يتنحى بموجبها ايضا، وقد حدث الامر دون عقبات في تونس ويحدث ايضا في تركيا والمغرب.
العالم مشغول بقصة القضاء على داعش ومكافحة الارهاب، والترويج للمهمة محاط بصبغها بالعامل الاسلامي، واستمراره هكذا سيجعل كل المسلمين في لحظة امام خيارات ربما لا تكون متوقعة وعلى اكثر وجعا مما يتم الادعاء به الان، وعليه يكون من مصلحة كل الدول الصادقة في مكافحة الارهاب اعادة النظر في علاقاتها مع جماعة الاخوان بما فيها تلك التي تمول الارهاب من وراء حجاب، فانقلاب السحر على الساحر يحدث دائما وهو يطل برأسه بشكل او بآخر وما جرى في افغانستان ليس المثال الوحيد.
السبيل 2017-04-19