مرايا كاذبة !!
يقول علماء النفس ان الانسان يتقدم في العمر امام الاخرين لكنه لا يشعر بذلك الى حد كبير وهو يرى نفسه يوميا في المرايا، وانطلاقا من هذا التصور فإن ما يلحق بالانسان من تشوه وانحرافات واصابة بأمراض نفسية وعُقد لا يدركه بقدر ما يدركه ويرصده الاخرون ، والعين المجردة عاجزة عن رؤية شجرة وهي تنمو لكن التصوير البطيء يتيح ذلك، وحين قال احد كبار علماء النفس وهو د . احمد عكاشة ان العرب في هذا العقد بالتحديد اصيبوا بأمراض نفسية وبائية لم يبالغ، لكن الناس يستخفون بعلم النفس ويخشون من مراجعة عيادات الاطباء المتخصصين في هذا الطب، لاسباب ذات صلة بالجهل لأنهم يربطون العلاج النفسي بالجنون .
وقد يكون المريض او المجنون آخر من يعلم بما اصابه، لكن هذا الوهم لا يشفيه ولا يعفيه من عبء المسؤولية امام نفسه اولا ثم امام الاخرين !
وما طرأ على انماط التفكير والسلوك معا في العالم العربي من توترات واحتقانات وعُصاب لم يعد في نطاق النسب التقليدية، ونحن جميعا نستشعر تغيرات طرأت علينا، سواء من حيث المغالاة في ردود الافعال او الخوف من مستقبل غامض، وثمة تقصير ملحوظ ازاء هذه الظاهرة على المستويين الرسمي والشعبي، لهذا قد يكون عدد من يحتاجون الى تشخيص امراضهم النفسية اضعاف من يحتاجون فحص الاجساد، لكن اعراض المرض النفسي ليست مرئية او سهلة الملاحظة والرصد، خصوصا اذا اصبحت الامراض النفسية وبائية !!
واذا كان هناك عدوى حميدة تتمثل بتأثر الانسان بمن هم افضل واصدق واكثر كفاءة، فان بالمقابل هناك عدوى خبيثة تتأتى من التوتر وفقدان التوازن وردود الافعال غير المحسوبة .
ان ضحايا هذا العقد من العرب ليسوا فقط من القتلى والجرحى والمشردين في شعاب الارض، ولكن هناك ضحايا فقدوا الرشد والتوازن وهم لا يُدركون، ونتائج ذلك لن تظهر في المدى المنظور، ومن سيدفع الثمن هم الابناء والاحفاد لمن لا حول لهم ولا قوة !!
الدستور 2017-04-26