فرنسا تستنفر لاستعادة روحها..
![فرنسا تستنفر لاستعادة روحها.. فرنسا تستنفر لاستعادة روحها..](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/a4cbcf8c0fbf6eb618bd51d66d605410.jpg)
لم تنهض فرنسا من كبوتها وغفوتها بعد ، ولم يخرج الفرنسيون من الصدمة حتى هذه الساعة ، لذلك تنادت الأحزاب اليمينية والأشتراكية واليسارية والنخبة المثقفة لمواجهة صعود اليمين الفرنسي المتطرف الذي كشفته صناديق الأقتراع في انتخابات الرئاسة ، حيث حصلت مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتعصبة قوميا لدرجة الفاشية ماري لوبان التي حصلت على ضعف النسبة التي حققها والدها جان لوبان في انتخابات نيسان –ابريل عام 2007 حيث حصل على نسبة 10بالمئة فقط في الجولة الولى في انتخابات الرئاسة الفرنسية.
اللافت أن ماري لوبان تجاوزت مرشحي اليمين واليسار في فرنسا وانتقلت الى الجولة الثانية في منافسة مع مرشح يشكل ظاهرة جديدة فريدة تتأرجح بين اليمين واليسار والوسط هو ايمانويل ماكرون الذي يعرف باليبرالي الديمقراطي الأشتراكي ، ولكن من المتوقع ، بعد الهبة الفرنسية بمشاركة كل الأحزاب والنخب المثقفة والناشطة ، وآستحضار واستفزاز المشاعر الوطنية الفرنسية اتوقع ان يتم سحق مرشحة اليمين المتطرف الفاشي بنسبة اقلها 60 بالمئة لصالح ماكرون.
تحاول لوبان التي انتزعت قيادة الجبهة الوطنية أن تكون بطلة قومية فرنسية على غرار الفلاحة الثائرة التي قادت ثورة مسلحة فرنسية انطلقت من الريف في القرن الخامس عشر وحققت انتصارات ، وانتهت حياتها بالأعدام حرقا ، فتحولت الى شهيدة وقديسة واصبحت رمزا قوميا فرنسيا.
المشهد الفرنسي، من خلال نتائج الجولة الأولى في انتخابات الرئاسة، وما حدث في الأنتخابات الرئاسية الأميركية وفوز ترامب، يكشف ان المجتمعات الغربية كلها تتحرك نحو اليمين، وبعضها نحو اليمين المتطرف ، ولكن فرنسا موطن الحرية والمساواة مونتسكيو وفولتير ورامبو وديغول وسارتر تحاول اليوم ان تستعيد روحها بعد عقود من التبعية والتيه ، وتسعى الى حركة تصحيحية تفشل ثورة المحامية ماري لوبان التي تريد البطش بالفرنسيين من المهاجرين باسلوب شبه عنيف يذكرنا بثورة المحامي الفوضوي روبسبير في عهد المقصلة.
لذلك نتوقع فوز المرشح الشاب ماكرون الذي قالوا عنه انه يتقن « فن الغواية وعقد الصفقات « منذ كان في عمله المصرفي. ويعرف عن ماكرون انه ضد كل ما هو تقليدي ومألوف حتى في قصة زواجه التي تشبه قصة فيلم عاطفي فرنسي تدور حكايته حول طالب يحب معلمته ، ولكن التقاليد أفشلت قصة الحب هذه في حين أصرماكرون على الزواج من معلمته التي احبها وتكبره باربعة وعشرين عاما ، وهي التي ستكون سيدة قصر الأليزيه.
والمعروف عن ايمانويل ماكرون أنه تنقل بين الأحزاب والتيارات ، ولكنه ظل معروفا كوزير تكنوقراط ، الا انه قرر خوض المعترك السياسي من خلال تأسيس حركة « الى الأمام « بعدما تراجع عن دعم هولاند. وعلى الرغم من ان المرشح ماكرون لم يكن قطبا سياسيا ، ولم يكن معروفا لدى معظم الفرنسيين ، فقد نجح في التسلل من نقطة ضعف اليسارالمتراجع ومن الثغرة المفتوحة في الصراع التقليدي بين اليمين واليسار وبين الحمهوريين والأشتراكيين.
حتى الأستطلاعات الأولية لم تكن تتوقع ان يتقدم ماكرون على مرشح الجمهوريين واليمين والوسط فرنسوا فيون قبل الضربة التي تلقاها بسبب فضيحة صرف رواتب لزوجته وابنائه مقابل وظائف وهمية ، كما لم يتوقع كثيرون ان يهزم ماكرون مرشح اليسار بونوا هامون ، اما اليوم ارى أن فرنسا بكل احزاب اليمين والوسط واليسار قد اعلنت الأستنفار العام من أجل هزيمة لوبان التي يعتقد الفرنسيون ان فوزها سيكون كارثة لبلد الحرية والمساواة والفكروالثقافة وبالتالي خيانة لتاريخ فرنسا.
الراي 2017-04-27