الأمن العام.. الهيبة في تحرير« مخالفات السيـر»
كلما اوقفتك دورية شرطة على الشارع فتش إذًا عن مخالفة سير من أي نوع، يبقى الشرطي يلف ويدور من حولك بحثا عن تحرير أي مخالفة مهما كان نوعها وتصنيفها. قانون السير بطبيعة الحال متخم بالمخالفات، فهو يتدخل حتى بلون السيارة التي تركبها واحيانا يمنح الشرطي صلاحية في مخالفتك على نوع الموسيقى او التردد الاذاعي الذي تسمعه.
لمجرد أنك تقود مركبة فانت مخالف حتما، صورة ليست اعتباطية ولا عبثية، هذا هو واقع العلاقة ما بين رجل الشرطة والمواطن، حيث يرى الاول أن الجميع مخالفون حتى يثبت العكس، فماذا يعني أن يحرر بحق مركبة 7 مخالفات بيوم واحد، وأن يحرر بحق مركبة نحو 50 مخالفة باقل من شهر، قيمة المخالفات بحسبة سريعة تفوق ثمن المركبة.
ثمة ما يستعدي التوقف عند قانون السير بعقوبات مغلظة وبشهوة كبرى لدى رجال الشرطة بتحرير المخالفات مهما كان سببها، والقانون بكل صراحة يفشل في حل ازمة المرور ومعالجة الاختلالات المرورية وحوداث السير الفاجعة التي تقع يوميا بشكل مؤلم على طرقات المملكة. عند مراجعة القانون تجد أنه يفرض اشكالا مثالية لمركبات تسير في الجنة لا في شوارع مكسرة ومهترئة ومدمرة ومثقلة بالازدحام الخانق ليلا ونهارا، ويبدو أنه من المستحيل انفكاكه عن شوارع عمان.
«النكتة « أن شرطة الدوريات الخارجية بعدما تنفد فرصهم بتحرير مخالفة على السرعة الزائدة وحزام الامان، يسألون عن « عاكسات الاضاءة» ويفتشون عنها، وان لم يعثروا عليها يحررون مخالفة. قبل ايام على الطريق الصحراوي أوقفتنا دورية خارجية عطلت حركة السير أكثر من نصف ساعة والتهمة عدم حيازة «عاكسات اضاءة «.
ولربما أن المواطن لا يهتم كثيرا بدقة التفاصيل، فرصيد أي رخصة قيادة او مركبة مليء بالمخالفات، وما عاد المواطن يكترث مما قد يقع من مخالفات جديدة. «مخالفات السير « تعبر دراميا عن مفهوم حزين وبائس لتطبيق القانون، وثمة ما هو متلبس بشكل اوسع بمدى تطبيق القانون ومن يطالهم القانون، فهناك اصحاب سلطة ونفوذ لا ترى اعينهم المخالفات.
مخالفات السير والانتشار الاخطبوطي لدوريات الشرطة في المجال العام يستحوذ عن سؤال اكبر، فهل واجب الشرطي يختصر بتحرير مخالفة السير فحسب ؟ لربما هذا هو الواقع الملموس بينما يحس المواطن لمجرد رؤيته لرجل الامن بان في جيبه مخالفة ما تنتظر تحريرها بحق أي مواطن واسناد اي تهمة، وحتى لو لم يرتكبها المواطن.
دعونا نعترف أن البحث عن «الهيبة « لا يبدأ من هنا، في كل دول العالم، الشارع هو مكان للقاء الجماعي ولاحتفالات الناس، والشوارع الخارجية الرئيسية تحت الحراسة الامنية المشددة ورغم كل ذلك فان فواجع وحوادث السير تقع على مرمى من فترات زمنية ليست متباعدة، والشوارع تحولت الى مقابر جماعية لا تعرف في رحلة عبورك الى الجنوب او الشمال متى قد يصطادك فخ الموت المتربص في احشاء رمزية تعبر عن الفشل في حماية المواطن.
الدستور / 22- 5 - 2017 / الاثنين