أزمة العراق بعد الانتصار !!
ستكتمل الصورة الفوضوية السوريالية، ويتم ابعاد عدسات المصورين عن المشهد، تمهيدا لظهور باعة المرايا والأوهام من وكلاء اقليميين يمثلون مصالح القوى الأجنبية في الشرق الأوسط، استعدادا لتقسيم الغنائم و» الانتصارات» بعد فشل مشروع تقسيم الأوطان أوتفكيك الدول العربية المدماة، وأعني مشروع الشرق الأوسط الجديد.
المشهد يتبلور أكثر بعد القضاء على التنظيمات الارهابية المتطرفة الظلامية المدعومة اقليميا ودوليا، وبالتالي اخراجها من المكان والزمان والمنطقة، ومن المرحلة التي لم تنتج سوى القتل الجماعي والفوضى والتدمير والأرهاب ، وكل الشرورالتي حملها الينا مروجوها من المنتسبين لسلالة الانتحار وعشاق الموت.
أقول هذا وانا على يقين بأن الرئيس الأميركي ترامب، بجولته الأخيرة في المنطقة واوروبا قد القى حجرا ضخما في بركة لم تكن راكدة اساسا، ولكنه خلق تموجات جديدة عارمة صادمة، أدت وستؤدي، الى اعادة خلط الأوراق وتغيير كل قواعد اللعبة.
الحقيقة أن الرئيس الأميركي قلب الطاولة لأنه يجهل اللغة الدبلوماسية، ولا يمتلك الحنكة السياسية، فأحدث هذه الفوضى في منطقتنا التي تتناسل فيها الحروب والأزمات، وتتغير فيها التحالفات بسرعة فائقة، وفي مرحلة ينقلب فيها الحليف على الحليف، وتتغير المواقف والمصالح بحيث يرتد بعضهم على ذاته عندما تشتد الأزمات، أوعندما يعجز عن مواجهة مأزق خطير، كذلك أحدث فوضى في علاقات بلاده بدول الأتحاد الأوروبي، وخصوصا المانيا.
كلنا نعرف أن في النهاية، وفي وقت ما، سيتم القضاء على كل التنظيمات المتطرفة ( الدواعش ) بكل تسمياتها وعناوينها، ولكن كيف سننجح في اعادة تركيب ما تفكك في روح الأمة، واعادة ترميم نسيج المجتمعات بعد كل هذا الخراب في مكوناتها؟ هذه هي المسألة، وقد نحتاج لمعجزة لتحقيق هذا الأنجاز، خصوصا في العراق الذي سيعلن عن تحرير اراضيه من تنظيم داعش في وقت قريب!!
أقول العراق، للفصل بين مضمون الصراع في سوريا وبين الصراع في العراق، ففي سوريا فشل الظلاميون، رغم الدعم العسكري والأعلامي، في تحويل الأزمة من صراع سياسي الى صراع مذهبي ، ولكن العراق، رغم انتصاره القريب على داعش، لن تنتهي ازمته بالأنتصار، لأن بلاد الرفدين حاضنة لكل الأعراض وألأمراض الطائفية والعرقية والقبلية التي مزقت نسيجه الأجتماعي، لذلك أعتقد أن عودة الأستقرار الى العراق بعيدة، وقد يحتاج الأمر الى معارك لا تنتهي في الزمن القريب.
العراق بانتظار في معركة سياسية كبرى متعددة الجبهات ، خصوصا بعد فشل التوصل الى حل سياسي عادل ومقبول من كل اطياف وطوائف ومكونات الشعب العراقي، كما أن تربته خصبه لأنتاج «داعش « جديد أو أكثر. كما أن الدولة العراقية اصبحت رهينة لدى المليشيات الطائفية والحزبية، التي تتصدر نشرات الأخبار اليوم ، بهدف اخفاء دور الجيش العراقي، وكذلك دور الحكومة في معركة الموصل، رغم ظهور الرئيس العبادي بلباس « المارشالية «.
كذلك لا نستطيع تجاهل وجود قوة أخرى على الآرض العراقية أخذت حصتها كاملة في الشمال وأخذت حصة في الدولة المركزية، وتسعى الى استغلال الأزمة والصراع الدائر للتوسع على حساب الدولة العراقية ، وأعني « اقليم كردستان» المحمي أميركيا، والذي يملك جيشا قويا « البشمركة «، ومؤسسات تشريعية وتنفيذية متكاملة، لذلك يلوح بالأنفصال أو ما يسميه البرزاني « الأستقلال « قصد ابتزاز الحكومة في بغداد.
لذلك نتساءل كيف ستنهض الدولة العراقية وتتوصل الى حالة من الأستقرار في ظل هيمنة الميليشيات غير المنضبطة، وانتشار الفساد، وتهديدات البشمركة بالتوسع، وضغوط البرزاني بالأنفصال، اضافة الى نفوذ دول اقليمية ودولية ( ايران وتركيا وأميركا ) تتدخل في الشأن العراقي، الحقيقة انني اشفق على العراق والعراقيين واتساءل: من يعيد العراق الى العراق؟!
الراي 2017-06-01