حكاية كلب أخرس !!
لو كان للكلاب بمختلف سلالاتها تسعيرة، لكان ارخصها على الاطلاق الكلب الاخرس، لأنه يفقد الاداة الوحيدة التي يدافع بها عن صاحبه او عن الشيء المكلف بحراسته، وهناك حكاية طريفة عن الكلاب لم ترد في كتاب الحيوان للجاحظ او في كليلة ودمنة او حتى في حكايات جحا، تقول الحكاية ان رجلا اقتنى كلبا واعتنى به كأنه واحد من ابنائه، وذات ليلة استمر الكلب في النباح وبلا انقطاع بحيث ازعج الجيران لأنهم لم يستطيعوا النوم، وحين اخذ الرجل كلبه الثرثار الى طبيب بيطري فحصه الطبيب بعناية واخبره بأنه سليم ومعافى تماما ولا يشكو من اي شيء، وطمأن الرجل جيرانه معتذرا اليهم عما صدر عن كلبه ، لكن نباح الكلب تضاعف في الليلة الثانية وتكررت الشكوى، عندئذ اصرّ صاحب الكلب على الطبيب البيطري ان يفحص كل عضو في جسم الكلب، وكانت النتيجة انه سليم ولا يشكو من ألم او جوع او خوف، لكن الطبيب استدرك وقال للرجل ان السبب الوحيد لهذا النباح المتواصل نفسي ومعنوي ولا علاقة له بالجسد، انه دفاع يمارسه الكلب عن سمعته باعتباره كلبا وليس اي كائن آخر، ذلك لأن الكلب يدرك بالغريزة انه لو فقد صوته لن يجد احدا يقتنيه وهو بالنباح المتواصل يبرهن على عدم كونه اخرس .
وككل الحكايات ذات الصلة بالحيوان والطير، فإن مجال التأويل يبقى واسعا، ولولا هذا التأويل لما دفع ابن المقفع حياته ثمنا لما رواه عن الحيوان وعلى لسانه، فقد احرق ابن المقفع لكن ببطء عقابا له على النية وليس على الحكاية .
وهذه مناسبة لاعتراف شخصي بأن ما تقدمه برامج الصراع من اجل البقاء وما يدور في عالم الحيوان هو مصدر لا ينافسه مصدر آخر للتثقيف بشجون هذا العالم، ومن قالوا خذوا الحكمة من افواه المجانين كان اجدر بهم ان يأخذوها من افواه الحيوانات وحكاياتها !!
الدستور 2017-06-14