اطفال عاملون في رمضان: الشهر الفضيل فرصة لزيادة الدخل
المدينة نيوز :-أجبرت ظروف الحياة محمود ابن الـ13 ربيعا على ان يكون رب أسرة، حيث يخرج من بيته في التطوير الحضري بمحافظة اربد صباح كل يوم ليلتحق بعمله "حمّال" في سوق الخضار (الحسبة) بجانب مسجد اربد الكبير.
بنظراته المختزلة لآلام الطفولة وأحلامه يعرض محمود على كل من يدخل السوق مساعدته في مشترياته لحملها في العربة التي يملكها مقابل اجر متفاوت، فبعض الميسورين يجودون عليه بمبلغ "محرز" كما يقول، وخصوصا خلال شهر رمضان المبارك والذي يعتبره محمود فرصة لزيادة دخله.
يقول محمود والعرق يتصبب من جبينه الذي لوحته الشمسانه قضى سنتين فقط في المرحلة الابتدائية، ليتوقف عن اكمال دراسته وعمره ثماني سنوات، حيث اضطر مكرها للعمل بهذه السن المبكرة بعد اصابة والده بالشلل نتيجة جلطة دماغية.
اما حسين الاخ الاصغر لمحمود والذي لم يتجاوز الاحد عشر ربيعا من عمره فهو يساعد اخيه ولا يستطيع الصوم بسبب مشقة العمل والتي تجر خلفها العطش جراء حرارة الشمس يقول "لا استطيع ان اتحمل الجوع والعطش، وشهر رمضان فرصة لمساعدة اسرتي واعدا نفسه قبل ان يعد الاخرين بانه سيصوم العام المقبل ان بقي في العمر بقيه".
الاخوان، محمود وحسين، ليسا الوحيدين اللذين فرضت عليهما الظروف الصعبة العمل، فهناك اطفال اخرون يصطفون وسط التزاحم الشديد في السوق، لينالوا من الخير الذي يدره هذا العمل رغم صعوبته ومشقته، تتعالى أصواتهم البريئة منادية طلبا للرزق الحلال.
استاذ علم الاجتماع الدكتور مهند الصمادي يشدد على منع ظاهرة عمالة الاطفال "ليس لانها لاانسانية، بل لانها تؤثر على المجتمع سلبا وترفع نسبة الامية خاصة ان معظم الاطفال هم متسربون من التعليم، مشيرا الى أن ظاهرة عمالة الصغار من الظواهر المستحدثة التي بدأت طريقها الى المجتمع لتصبح مشكلة تضاف الى المشاكل الاخرى المستعصية والتي تحتاج الى حل سريع وحاسم.
واوضح ان تفاقم ظاهرة عمالة الاطفال يرتبط بدرجة تقدم او تراجع المجتمع، وتتنامى وتزول بزوال المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وبمدى احترام ذلك المجتمع للتشريعات والقوانين المنظمة له.
ويتابع الصمادي انه لا بد من عدم اهمال الجوانب النفسية لظاهرة عمالة الأطفال والمردود النفسي السلبي عليهم حيث يعملون في مرحلة عمرية مبكرة في بيئة لا تسمح لقدراتهم الخاصة بالنمو والارتقاء ما يؤثر على قدراتهم على التكيف الشخصي والاجتماعي في ظروف لا تتيح لهم تكافؤ الفرص، مثلما تتيحه لأقرانهم ممن يماثلونهم في العمر ويندرجون في صفوف التعليم. ويؤكد انه لا بد من التصدي لهذه الظاهرة، داعيا المجتمع ووسائل الاعلام خاصة أن تبدي دورا مهما للتخلص من هذه الظواهر التي تشكل آثارا نفسية وبيئية سلبية على المجتمع.
وبين انه وللحد من هذه الظاهرة لا بد من القضاء على اسبابها أو معالجتها كالفقر الذي يدفع العائلات الى تشغيل أطفالها بغض النظر عن نوع العمل، مركزا على ان عمل الطفل في سن مبكرة يؤدى إلى حرمانه من الحصول على قدر مناسب من التعليم ويجعله يتحمل مسؤوليات أكبر من سنه، الامر الذي قد يعرضه للاستغلال النفسي او الجسدي ويؤدي إلى زرع الإحساس بالدونية والظلم.
من جهتها ترى المحامية رهام مصطفى، أن ضرورة تشديد العقوبات على مستغلي الأطفال.
بدوره يقول مدير اوقاف اربد الدكتور عبد السلام نصير، ان الطفل في الاسلام له حق بان يتمتع بطفولته، حيث ان العمل المبكر يؤثر على الاطفال سلبا، ويحرمهم من مرحلة مهمة من مراحل حياتهم، وهي مرحلة (الطفولة)، ولا بد أن يمر الطفل بمرحلة اللعب ويتعلم ما وسعه التعلم، خصوصا لو كان من الموهوبين الأذكياء.
ويشدد على ضرورة اتخاذ كل الوسائل لمنع ظاهرة عمالة الاطفال في رمضان وغيره من الشهور، ليتمكنوا من النمو النفسي والجسدي السليم.
--(بترا )