الاستثمار في الإسكان قطاع إنتاجي
من الأفكار الشائعة في بلادنا أن قطاع الإنشاءات (بناء المساكن) عقيم اقتصادياً ، فهو لا يولد دخلاً وإنتاجاً إلا في مرحلة البناء ، ومن هنا فإن الاستثمارات الخارجية المتدفقة على الأردن لم تنعكس بشكل نمو في الناتج المحلي الإجمالي ، لأن معظمها ذهب لبناء المساكن والعقارات التي لا تخلق نمواً أو تياراً مستمراً من الدخل.
والمعروف أن أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن يأتي من الخدمات كالاتصالات والخدمات الصحية والتعليم والمهن المختلفة ، وفي هذا المجال فإن خدمة السكن ، أي إيواء العائلات في بيوت ، هي في مقدمة الخدمات اللازمة للمجتمع ، ولا تقل أهمية عن إنتاج الطعام.
يكفي في هذا المجال أن نوضح أن خدمة السكن ممثلة بالإيجارات التقديرية للمساكن ، سواء كانت مستأجرة أو مملوكة ، هي جزء هام من أجزاء الناتج المحلي الإجمالي ، وقد شكلت في عام 2016 حوالي 2ر9% ، أي حوالي ُعشر الناتج المحلي الإجمالي. وقد بلغ نمو هذا الجـزء قي العام الماضي 3ر5% بالأسعار الجارية ، أو 2ر2% بالأسعار الثابتة (حيث أن معظم الإيجارات مجمد ، ولا يرتفع من سنة على أخرى إلا بالنسبة للعقارات الجديدة).
هذه ليست دعوة لتخصيص المزيد من الموارد المتاحة لأغراض الاستثمار العقاري بشكل بناء فلل ومساكن وشقق، فالحاجة هي التي تقرر العرض دون حاجة للتدخل من أية جهة.
المقصود هو الاعتراف للنشاط العقاري بأهميته الاقتصادية ومدى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، حيث أن المسكن الذي يبنى اليوم يقدم خدمة أساسية للساكن على مدى خمسين عاماً قادمة على الأقل.
بطبيعة الحال فإن أفضل استثمار عقاري من وجهة نظر اقتصادية بحتة هو بناء الشقق المتفاوتة الحجوم، وليس بناء الشاليهات والفلل الفارهة، ومن هنا جاء إعفاء الشقق من رسوم التسجيل بأسماء المستفيدين إذا كانت جزءاً من مشروع إسكاني أو تعاوني، وذلك اعترافاً بأهمية هذا الأصل واستحقاقه للتشجيع.
أما الجزء الآخر من الإنشاءات، كبناء الطرق والجسور والمدارس والمكاتب، فلا نحتاج للإشارة إلى أهميتها وجدواها من وجهة نظر الاقتصاد الوطني وزيادة النمو.
ليس هناك قطاع اقتصادي أفضل من غيره، وفي ظل حرية المستثمر في التوجه إلى هذا القطاع أو ذاك بموجب إشارات السوق، فإن تخصيص الموارد يحقق تلقائياً أعلى مردود شخصي ووطني. والاستثمار العقاري واحد من الاستثمارات المجدية تماماً كالمزارع والمستشفيات والمرافق العامة.
الراي 2017-06-23