صواريخ تحمل رسائل سياسية
سؤال المليون، هل يتطلب هزيمة «داعش» كل هذه القوات الجوية والبرية والاستخبارية، التي تشارك فيها عشرات الدول ومئات المنظمات والميليشيات، التي تحتشد في سوريا ؟ بعيدا عن نظرية المؤامرة فان المنطق البسيط يقول أن عصابة كهذه، يمكن أن يطاردها لواء عسكري محترف بغطاء جوي ويقضي عليها خلال وقت قصير.
لم تكتف الدول المشاركة في محاربة داعش وفي مقدمتها أميركا وروسيا،على استخدام أحدث الطائرات المقاتلة ، بالاضافة الى وجود قوات برية ووحدات خاصة تقاتل على الارض ،لكن اللافت استخدام بعض الدول صواريخ بالستية تطلق من البحر والبر من مسافة مئات الكيلومترات ،كما فعلت روسيا وايران مؤخرا ، فيما يشبه استعراض قوة لايصال» رسائل سياسية « لأطرف أخرى ، فروسيا أطلقت قبل أيام ستة صواريخ مجنحة نوع «كاليبر» من سفن حربية في البحر المتوسط ،باتجاه مواقع داعش في ريف حماة ،حسب ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية،وأشارت الى أنها أبلغت «القيادتين العسكريتين في تركيا وإسرائيل بإطلاق الصواريخ» لكنها لم تشر الى إبلاغ واشنطن ،التي تتواجد قواتها بكثافة في أجواء سورية وتمتلك قواعد وقوات عسكرية على الأرض،وهناك اتفاق بين الطرفين على تنسيق العمليات العسكرية بينهما.
ومن الواضح ان اطلاق روسيا الصواريخ من البحر لا يستهدف تدمير مواقع داعش ، بل إيصال رسالة الى واشنطن، بعد أيام من إسقاط الأخيرة طائرة للنظام السوري ،واحتجاج روسيا على ذلك وإعلانها وقف التنسيق مع الاميركيين.
وثمة تطور آخر مثير شهدته الحرب في سوريا يطرح المزيد من التساؤلات، ، ففي اليوم التالي من إسقاط أميركا طائرة للنظام ، أعلنت ايران أطلاق 6 صواريخ بالستية على منطقة دير الزور شمال شرق سوريا ، التي يسيطر عليها داعش. وبطبيعة الحال فان الحرس الثوري والعديد من المليشيات الطائفية الموالية ،تقاتل على الاراضي السورية، قادرة على تحقيق الاهداف الاساسية لايران وروسيا وهما اكبر الداعمين للنظام ! لكن إطلاق الصواريخ يحمل العديد من الرسائل، أولها كما ورد في بيان الحرس الثوري ، أنه يأتي ردا على الهجمات التي استهدفت طهران في 7 يونيو ، حيث سارعت طهران الى اتهام واشنطن والسعودية ، بدعم جماعات جهادية تنشط ضد ايران.
وما لم يتضمنه بيان الحرس ان اطلاق صواريخ عبرالحدود ، لاول مرة منذ انتهاء الحرب الايرانية العراقية يحمل رسائل مبطنة ، وهي قدرة طهران على تحدى الاميركيين، فصواريخها عبرت الاجواء العراقية دون استئذان ، في الوقت الذي تسيطر الطائرات الاميركية على الاجواء العراقية ، وتقوم يوميا بغارات ضد مواقع داعش في شمال غرب العراق ، لكن الطريف أنه في اليوم التالي لاطلاق الصواريخ الايرانية، قامت الطائرات الاميركية بإسقاط طائرة ايرانية بدون طيار، عندما اقتربت من الحدود العراقية السورية ! وهنا التزمت طهران الصمت ! وربما كان في ذهن القيادة الايرانية ضمن « سوق المزايدات» السياسية ، إيهام الرأي العام أنها قادرة على قصف اسرائيل بصواريخها، لكن رد تل ابيب جاء سريعا على لسان نتنياهو، الذي حذر طهران بقوله: «نحن نتابع تصرفاتهم وتصريحاتهم.. عندي رسالة واحدة لإيران: لا تهددوا إسرائيل».
ولان حزب الله يعتبر عمليا ميليشيا ايرانية في لبنان، فقد لوحت اسرائيل باستهدافه من خلال اتهامه بالقيام ب» استفزاز خطير» ، بتوسيع مراكز المراقبة التابعة له على الحدود، تحت ستار منظمة بيئية تدعى «أخضر بلا حدود»، وأرسلت رسالة احتجاج إلى مجلس الأمن.
فوضى لا حدود لها تشهدها سوريا ، ويبدو أن موسم الحصاد اقترب ،وكل يبحث عن حصة من «الكعكة» ، عنما تنتهي « أسطورة داعش» والشاهد أن مناطق شرق وجنوب سوريا تشهد نشاطا عسكريا متسارعا ، تشارك فيه قوات تابعة لجهات متعددة تتضارب في أهدافها. فبالاضافة الى الصواريخ الروسية والايرانية ،والنشاط الجوي الاميركي ودعم واشنطن للمليشيات الكردية ، أطلقت قوات الأسد والميليشيات المساندة له عمليات عسكرية شرق حماة وريف حلب ، فضلا عن محاولتها الاقتراب من الحدود العراقية ، بالتوازي مع وصول ميليشيات «الحشد الشعبي» المدعومة من ايران .
الراي 2017-06-25