صورنا تكشف خبايانا
فاجأني أحد الأصدقاء الذين يعيشون ويعملون في إحد البلدان الغربية، بمعلومة أن المحكمة التي كانت تنظر وقتها في دعوى كان قد رفعها على المؤسسة التي كان يعمل لديها قبل أن تنهي خدماته دون وجه حق؛ قد طلبت إعطاءها الإذن بالدخول إلى صفحته على الفيسبوك؛ وذلك لإثبات صحة ادعائه بالضرر النفسي الذي نتج عن إنهاء خدماته. نظرت وقتها إلى هذا الأمر على سبيل الفكاهة، ولكنني استحضرت هذه الحادثة وأنا أقرأ الدراسة التي قام بنشرها مؤخرا باحثون من جامعة هارفرد، والتي تحدثوا فيها عن إمكانية تشخيص الاكتئاب عند الأشخاص بتحليل صورهم على موقع "انستجرام".
فقد قام الباحثون بتحليل آلاف الصور لعشرات المتطوعين، ثم طلبوا منهم أن يجيبوا عن بعض الأسئلة المعتمدة في تشخيص الاكتئاب، حيث قاموا بتحليل الصور من حيث الألوان والبريق، وتحليل تعابير الوجوه من حيث احتمالية السرور والحزن والاهتمام.
لقد حاولت هذه الدراسة ربط العلاقة بين مزاج الأشخاص والألوان؛ حيث تغلب على صور الأشخاص المكتئبين الألوان الأكثر زرقة والرمادية والغامقة؛ كما يميل هؤلاء الأشخاص إلى نشر عدد أكبر من الصور وفي أوقات متقاربة؛ ويميلون لاستخدام مختلف أنواع "الفلاتر"، كما أنهم يلجأون إلى تحويل الصور الملونة إلى "أبيض وأسود".
كما يتميز المصابون بالاكتئاب بوجود عدد أقل من الوجوه في صورهم، ما يرجح انطواءهم على أنفسهم، وتعاملهم مع عدد قليل من الناس. كما لاحظ الباحثون أن هذه التغيرات في الصور قد تفيد بتشخيص هؤلاء الأشخاص بالاكتئاب قبل ظهور الاعراض السريرية لديهم، وهذا ما قد يؤدي إلى استخدام الصور المنشورة على مواقع التواصل للتشخيص المبكر للاكتئاب، وبالتالي التدخل العلاجي مبكرا.
لم تكن هذه هي الدراسة الوحيدة التي تربط بين الاكتئاب والحضور على مواقع التواصل، فقد خلصت دراسة أخرى نشرت في السويد إلى ربط كثرة استخدام الهواتف الذكية بالتوتر واضطراب النوم وأعراض الاكتئاب.
ما تزال هذه الدراسات بحاجة إلى تأكيد من خلال المزيد من البحث، لكنها تفتح بابا أمام المختصين قد يساعدهم في تشخيص أعراض الاكتئاب أو غيره من الأمراض النفسية، فقد يأتي قريبا اليوم الذي يكون فيه حساب المريض على مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من ملفه الطبي وسيرته المرضية وفحصه السريري، تماما مثل النبض والحرارة والضغط وغيرها.
الغد 2017-07-01