تخفيض ضريبة المبيعات !
لسبب أو لآخر تراجعت الحكومة عن فكرة تخفيض نسب الضريبة على المبيعات من 16% الى 14% المشروط بإلغاء الإعفاءات كاملة وتعويم التكليف بمعنى شطب حدود التسجيل.
تكفل مجرد الإعلان عن التوجه بتنشيط الأسواق التي سرعان ما عادت الى التباطؤ بعد حسمه بالتراجع عنه , بدعوى تراجع إيرادات الخزينة من عائدات ضريبة المبيعات وهي الدجاجة التي تبيض ذهبا.
دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عرفت الطبقة الوسطى في الأردن بأنها تتكون من الأفراد ممن يشكل نصيبهم من الإنفاق السنوي ضعفي خط الفقر فوجدت أنهم يشكلون 41.1 % من السكان ويجنون 37.5% من إجمال الدخل و وينفقون 42.8% من إجمالي النفقات ويعملون في مجالات التعليم والصحة والخدمات المالية و العقارات والأعمال التجارية والنقل والاتصالات.
هذه الشريحة إذن هي الرافد الرئيس لعائدات الخزينة من بند ضريبة المبيعات المرتبطة بالإستهلاك وتراجعها يعني تراجعه والعكس صحيح.
نمو الدخل ينعكس تلقائيا على زيادة الإستهلاك ويصب في النهاية في إيرادات ضريبة المبيعات وهي علامة مهمة لتحسن أوضاع إقتصاديات الفرد والإقتصاد الكلي وظلت المعادلة الأساسية التي يدور حولها الجدل , هل ضريبة أقل تعني إيرادات أعلى أم العكس ؟.
الحديث عن فكرة تخفيض ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية لتحفيز الإقتصاد توقف مع خروج أبرز المتحمسين لها الدكتور جواد العناني من الحكومة في تعديل سابق مع أنها لم تكن تخصه فهي واحدة من توصيات مجلس السياسات الاقتصادية تقدم بها لكنها أسقطت فيما بعد وقد ظل متمسكا بها كما ورد في مقالة له نشرها مؤخرا لكن الإقتراح برمته لا زال يجد مقاومة شديدة فعائداتها التي تشكل 77 % من الإيرادات المحلية نسبة من المخاطرة التضحية بها !!.
الإقتصاديات التي ذهبت الى ضبط النفقات والتقشف العام وأبقت على هياكل الضرائب دون تغيير لم تواجه فقط إحتجاجات شعبية بل إنها ذهبت الى مزيد من التباطؤ الإقتصادي وتراجع النمو.
الملاحظة الأهم هي أن النمو تحقق بفضل رفع تجار التجزئة والمنتجين الصناعيين والمنتجين الزراعيين ومقاولي الإنشاءات لأسعارهم فهو عائد الى إرتفاع الكلف و لم يأت من إنتعاش الطلب على السلع والخدمات وبالتالي زيادة إيرادات الشركات وزيادة إيرادات الخزينة من مجموعة الضرائب والرسوم.
الخزينة تفوت أموالا طائلة بسبب التوسع في الإعفاءات خصوصا تلك التي تمنح لإستيراد سلع أساسية وأخرى كمالية ومنها مؤخرا مجموعة العطور والساعات والجلود والفكرة كانت تحويل الأردن الى مركز للتسوق سرعان ما تبين فشلها فتم التراجع عنها لأن مفهوم مركز التسوق أوسع من مجرد الأخذ بمعيار الضرائب..
عندما بدأت ضريبة المبيعات بنسبة 8% لاحظت دائرة ضريبة المبيعات توسعا في الإستهلاك بدليل زيادة عوائد هذا البند ما أغراها لأن تقترح زيادتها الى أن وصلت الى 16% ولم يكن ذلك كافيا فإقترحت جملة من الضرائب الخاصة التي رفعت المعدل الى 40% في بعض السلع وإلى 70 في بعضها الأخر , بينما بقي عجز الميزان التجاري يحقق زيادات كبيرة.
ما تفقده الخزينة من الإعفاءات يعادل أو يزيد على النسبة التي دار الحديث عن خصمها من ضريبة المبيعات.
الراي 2017-07-05