نادي الإبداع – الكرك
يأتي الفتيان والفتيات من عمر الخامسة إلى الثامنة عشرة إلى نادي الإبداع في الكرك يمضون نهارهم وأماسيهم في أنشطة وبرامج مختلفة؛ كل في وجهة يختارها؛ الفنون التشكيلية، والموسيقى، ومختبرات الحاسوب للبرمجة والتطبيقات المختلفة، والعمل التطوعي،.. ليس الإبداع فقط إنجازا متقدما يؤديه موهوبون ومتفوقون لكنه بيئة عامة ضرورية وشاملة في التفكير الحر والنقدي والاستماع والحوار والفنون والموسيقى والعمل والمحاولة، ولا يهبط المتفوقون هبة من السماء ولا يعرفون أنفسهم في سهولة وتلقائية، لكنهم يكتشفون أنفسهم وتكتشفهم الأسر والمؤسسات في بيئة ملائمة من التعليم والعمل والمشاركة، وتخطئ وسائل الإعلام حين تصف نادي الإبداع في الكرك بأنه لرعاية الموهوبين والمتفوقين لكنه لتعليم ورعاية الإبداع؛ بما هو متطلب أساسي لكل طفل .. ثم يمكن أن يظهر ويتقدم من بين هؤلاء مبدعون ومتفوقون، هكذا أيضا يعرف نادي الإبداع في الكرك نفسه، ويراه رئيسه حسام الطراونة والفريق الذي يعمل معه؛ مجموعة من العاملين والمتعاونين والمتطوعين يتبعون شغفهم ورسالتهم في تكريس الإبداع بما هو مهارة أساسية ومعرفة أولية لا يمكن تجاوزها او تجاهلها، ولم تعد ترفا أو هواية جميلة أنيقة، .. فليس أمام الجيل القادم فرصة لكسب عيشه من غير إبداع!
ما يميز فريق نادي الإبداع في الكرك أنهم ينظرون إلى أن الإبداع رسالة إنسانية ووطنية، وهذا اتجاه وإن كان ليس نادرا فإنه قليل، فمن نافلة القول وواضحه أيضا أن التطوع والحماسة للمشاركة تستأثر به مجالات وأفكار لا تحتاج إلى ذلك ولا تتصل بحياة الناس أو هي لأجل الحياة بعد الموت، وأما حياتنا قبل الموت فلا تشغل إلا قليلا المتطوعين والرساليين والمتبرعين، هكذا أيضا يتجذر التطرف والعنف في المجتمعات والأجيال، فحين يغيب حب الحياة ويسود حب الموت ليس منتظرا سوى الموت! وإنها لبديهية غائبة أو متجاهلة؛ التطرف والعنف يواجه بالحياة، والفشل يواجه بالنجاح، وتغيير أفكار الناس يكون بتغيير واقعهم. وليس مغامرة القول إن الحياة بعد الموت تكون جميلة بقدر ما كانت قبل الموت، فخير الناس عند الله أنفعهم للناس، وبالضرورة فإن شر الناس أضرهم بالناس.
ليس الإبداع كما في تجربة نادي الكرك معجزة ولا لغزا محيرا، ليس سوى طاولة وخمسة كراسي، .. وكثير من التمرد والخيال والنية الحسنة، فتتدفق الأفكار والبرامج والمحاولات، .. ووجد الفريق قدرا من التشجيع والتبرع يكفي لتدبير أعمال النادي وبرامجه ورسالته، وبالطبع فإن الآمال دائما تفوق الواقع، وثمة مشكلات كثيرة وإعراض وتجاهل، لكن ثمة مجال دائما للعمل وتدبير الفرص والموارد، ..
الرسالة التي عدت بها بعد زيارتي لنادي الإبداع في الكرك أننا في حاجة لأجل النجاح ومواجهة الفشل الى استنفار وطني شامل لنبدأ وفي سرعة في مبادرات واسعة، تقوم على تغيير دور المدرسة وتوزيع الأدوار بين الأسرة والمجتمع والمدرسة، والاستفادة من فرص الشبكية في التعليم، والتعلم الذاتي والتعليم المستمر، والاهتمام الكبير بالمواهب والمهارات في التعليم؛ الكتابة، الفنون، الموسيقى، العمل الجماعي، القيادة، والمهارات الرياضية.
الغد 2017-07-26