البيوت المهجورة بالزرقاء: مكاره بيئية وصحية وملاذات لممارسة الرذيلة
المدينة نيوز :- عند أفضل الخيارات تشكل مئات الخرائب والبيوت المهجورة منذ عقود في الزرقاء مكاره بيئية وصحية فقط، لكن الأسوأ من ذلك تحولها إلى ملاذات لممارسة الرذيلة سيما الاعتداء على الأطفال والقصّر.
وما تزال ذاكرة الزرقاويين مشغولة بجريمتين منفصلتين هزتا المدينة منذ عقدين عندما أقدم مجرمان على اغتصاب وقتل طفلين في بيوت مهجورة.
ورغم وعود متكررة قطعتها الجهات المعنية وفي مقدمتها البلدية بهدم هذه البيوت والخرائب المنتشرة في معظم مناطق المدينة غير أن تنفيذ هذه الوعود ظل حبرا على ورق، وهو أمر تعزوه البلدية وفقا لمصدر مخول فيها إلى معوقات فنية وقانونية تحول دون تمكنها من إزالة هذه البيوت إذ إن أصحابها إما أنهم قد ماتوا، ما يعيق الوصول إلى الورثة لتوجيه إنذار بالهدم، حيث يمنع القانون هدم أي بناء دون تبليغ أصحابه أو أن أجزاء من تلك المنازل مسكونة أو مؤجرة لعمال وافدين، الأمر الذي يحول دون هدمها أيضا.
وهو ما يؤكده رئيس لجنة بلدية الزرقاء اللواء المتقاعد عبدالله القيسي بقوله إن بعض عمليات الهدم والازالة لبيوت مهجورة والتي قامت بها مجالس سابقة عادت بمشاكل على البلدية لان عملية الازالة لم تكن تستند لأسس فنية وقانونية صحيحة "تمت ازالة بيوت دون داع"، رغم اقراره بتعدد الأذى الذي يخلفه وجود هذه البيوت سواء من حيث تشكليها مكاره صحية وبيئية، أو الأمنية لتحولها إلى بؤر للمنحرفين.
وقدر القيسي عدد البيوت المهجورة بـ80 وهو رقم أولي غير رسمي، لأنه بانتظار أن يقوم مدراء مناطق البلدية بتقديم حصر لأعداد هذه البيوت وأماكنها وأوضاعها تمهيدا للتعامل معها وفق أسس فنية وقانونية صحيحة.
ويعود المصدر المخول للتأكيد على أن البلدية تتعامل مع البيوت المهجورة والتي يقدر عددها بالمئات من خلال ورود شكاوى من المجاورين أو من خلال الجولات التي تقوم بها أجهزة البلدية فتعرض توصية على اللجنة المحلية لإصدار قرار بالهدم فيتم توجيه إنذار الى صاحب البيت أو وكيله بتوقيعه على إخطار بالهدم ومن ثم ينشر قرار الهدم بالصحف المحلية.
ويؤكد مجاورون لمنازل مهجورة وخرائب أن الجهات المعنية تتعامل مع هذا الملف "ببرودة أعصاب"، وكأنها تنتظر وقوع كارثة أو جريمة لتتعامل معها جديا، ان أكثر ما يقلقهم ما يتسبب به وجود البيوت المهجورة من مظاهر وسلوكيات تشكل خطرا على الأمن العام وسلامة المجاورين عدا عن وجود خطر يتمثل بانهيار هذه البيوت المتداعية.
ويقول أحد المجاورين لإحدى الخرائب، محمد سرحان، إن الخطر الذي يشكله بقاء هذه البيوت والخرائب لا يمكن حصره بتحولها إلى مكاره صحية وبيئية أو لكونها بيئة خصبة لأرباب السوابق والخارجين على القانون بل وحتى التقاء المتطرفين وانتشار تجارة السلاح، ما يستدعي جدية كبيرة سيما بعد أحداث الكرك التي استشهد بها نحو 14 شخصا ما بين رجل أمن ومواطنين والتي وقعت في الثامن عشر من كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي.
وأضاف أنه كان شاهدا العام الماضي على كارثة انهيار منزل قديم وهو جزء من بناء مهجور على ساكنه بمنطقة الغويرية، وهو حي شعبي يضم العديد من هذه البيوت، داعيا إلى تشكيل لجنة تضم خبراء من المؤسسات الحكومية والنقابية في المحافظة للخروج بحل سريع لهذا الملف.
أما الساكن بجوار بيت مهجور، اياد حماشا فقال إن أكثر ما يؤرقه تزايد الممارسات الخادشة للحياء والمخلة بالأمن والتي تتم داخل غرف البناء، مضيفا أن البناء مهجور منذ عقود وكان يشكل مكرهة صحية وبيئية بسبب طرح النفايات وتكاثر القوارض، لكنه من بعد تحول إلى مكان يقصده قاصرون لممارسة الرذيلة.
كذلك قال أحد المجاورين لبيت مهجور، يحيى مروان، إن مشكلة الخرائب والأبنية المهجورة موجودة في معظم مناطق المحافظة أمام أعين الجميع، حتى في المناطق المستوطنة حديثا كمناطق غربي الزرقاء، موضحا أن الابقاء على هذه البيوت دون تعامل جدي يشكل خطرا على السلامة العامة بسبب التلوث البيئي الناتج عن طرح النفايات في محيطها وبالتالي انتشار القوارض والزواحف والكلاب الضالة أو تحولها لمقصد للمنحرفين.
أما محمد مجلي فقال، إن الابنية المهجورة لا تقتصر على بيوت من غرفة أو غرفتين، بل تتعداها إلى وجود منشآت كبيرة مهجورة، ضاربا مثلا بوجود مستشفى مهجور من 22 عاما ويضم 33 غرفة وباحة كبيرة بات على مساحة تتجاوز 10 دونمات، مؤكدا الحاجة الماسة للتعامل مع ملف الأبنية المهجورة بشكل جدي" وأن لا يترك للزمن".
ويبقى ملف الأبنية المهجورة في مقدمة الملفات التي يجب على المجلس البلدي المقبل التعامل معها بشكل فوري، وعدم ترحيله من مجلس إلى آخر والقاء اللوم في كل مرة على مجالس سابقة.