الوزير يستثني سوريا
الإجراءات التصعيدية المتبادلة بين واشنطن وموسكو، ستؤدي الى ارتدادات على صعيد الملف السوري، الذي يعد ملفا مشتركا، بين واشنطن وموسكو، وهذا هو المنطق الافتراضي، فلايمكن الا ان يتأثر الملف السوري.
لكن وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، يستثني الملف السوري، من ازمة العلاقات بين البلدين، ويقول في مؤتمر صحفي عقده في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن ان العلاقات بين واشنطن وموسكو تضمنت، رغم اضطرابها، تعاوناً في مجال إعادة نوع من الاستقرار إلى سوريا.
تصريح الوزير، يثير التساؤلات، اذ لايمكن ان تستثني واشنطن الملف السوري، من ازمة التصعيد بينها وبين موسكو، بعد عقوبات واشنطن على موسكو، وقرارات طرد الدبلوماسيين الاميركيين من روسيا.
الأرجح ان يخضع الملف السوري، لتأثيرات كبيرة، على الرغم من ان مصلحة الروس والاميركان، ان يبقى هذا الملف خارج الضغوطات المتبادلة بين الدولتين.
يقول الوزير االاميركي في تصريحاته ان واشنطن اشترطت على روسيا انسحاب القوات الإيرانية والمتعاونين معها من سوريا، ومنح السوريين الفرصة لكتابة دستور جديد، وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة وأنّ بلاده لم تغير موقفها من النظام السوري، بمعنى أنها ما تزال متمسّكة بعدم وجود مستقبل لبشار الأسد في الحكم بسوريا.
مغزى كلام الوزير الأميركي، ان واشنطن أولا، لاتريد تغيير النظام السوري ذاته، وانها تريد انتخابات حرة لايترشح فيها الأسد، بحيث تأتي برئيس جديد، إضافة الى انسحاب القوات الإيرانية، وبقية التنظيمات المحسوبة على طهران فعليا، والأرجح ان الروس يرحبون بكهذا شروط، خصوصا، انها تحمي الأسد فعليا، من أي ملاحقة قانونية دولية، كما انها تبقي ذات النظام وبنيته السياسية والأمنية، وتستبدل الرئيس فقط.
هذه هي الشروط الأميركية، واذا دققنا النظر فيها، فأن لا شيء فيها، سترفضه موسكو، لكن السؤال الأهم، مالذي سيجعل الروس يبقون على ذات موقفهم من أي تفاهمات ضمنية مع الاميركيين في سوريا؟!.
مايراد قوله، ان الازمة السورية مؤهلة لمزيد من التصعيد، خصوصا، ان الروس على الرغم من ارتياحهم للتنسيق مع واشنطن، سياسيا، ووجود إشكالات عسكرية ميدانية بين الطرفين، الا ان موسكو في لحظة ما، قد تستعمل الورقة السورية، من اجل الضغط على واشنطن، وبحيث تكون سوريا، ملعبا لتسوية الحسابات خصوصا، بعد التصعيد السياسي الأخير بين واشنطن وموسكو، وهي في الأساس ملعب لكل الأطراف.
في كل الأحوال، هذا ليس جديدا، اذ ان تبادل اللكمات بين الاميركيين والروس يجري في مواقع عدة في العالم، لكن اضعف هذه الساحات، وأكثرها حساسية، لنا، هي سوريا، بما تعنيه من تاثير على امن العالم العربي، وامن الإقليم، والأرجح ان ارتداد الازمة الأميركية الروسية، سنراه في سوريا، مما يؤشر على فترة اكثر صعوبة، بعد ان تم تكريس سوريا، ساحة لتصفية الحسابات الدولية.
لايمكن لاي تفاهمات أميركية روسية، ان تصمد حتى النهاية، بشأن سوريا، خصوصا، مع تدهور العلاقات بين البلدين، وفكرة استثناء الملف السوري، من الازمة الأميركية الروسية، فكرة غير منطقية.
الدستور 2017-08-03