مفاهيم منتهية الصلاحية !!
مثلما انهى التاريخ عبر التطور صلاحية ادوات واجهزة في مختلف مجالات حياتنا، فإن هناك بالمقابل مناهج واساليب ومقاربات فكرية فقدت صلاحيتها، ومنها التوصيفات التقليدية الموروثة لنسيج المجتمع وطبقاته، فالفوضى والعشوائية التي شملت انماط الانتاج ادت الى ركام يصعب فرزه، وما يسمى التسلل الطبقي وما صاحبه من مُتغيرات جذرية اودى بالطبقة الوسطى وهي الحاضنة التاريخية للحراكات الفاعلة والقوى الناعمة، وعلى سبيل المثال يردد الكثيرون على نحو ببغاوي مقولات عن النظام السياسي والنظام الاحتماعي وغالبا ما يتجاهل البعض ما الحقه النظام الاجتماعي بنا من اعاقة للتطور سواء من خلال اعرافه وتقاليده او من خلال تحويل بعض المسلمات الى مقدسات يحظر الاقتراب منها رغم انها ارضية وليست من السماء، كالثأر وجرائم الشرف وما يماثلها. ان تبرئة النظام الاجتماعي من كل ما الحقه بنا وبثقافتنا هو مجرد هروب من سطوته وما يمكن ان يلحقه من عقاب واقصاء .
وقد يكون ما عاناه المثقفون العرب من النظام الاجتماعي وما يمارسه من ضغوط لا يقل عن المعاناة الاخرى بالمعنى السياسي، فالمثقف العربي اصبح الوعي لديه اشبه بقبعة يرتديها او يخلعها تبعا للمناسبة، وفَهم القول المأثور وهو لكل مقام مقال كما يريد بحيث يصبح اميا ويتظاهر بالجهل كي يُقبل في النادي الاجتماعي ويتنازل عن وعيه من اجل التأقلم مع السّائد .
والحكم على المثقف يخضع لمعايير المنظومة الاجتماعية، لهذا عليه ان يتنازل طواعية عن اختلافه كي يصبح فردا في قطيع ولا يتحول الى بعير اجرب في القافلة .
والفصل المتعسف بين السياسي والاجتماعي يتجاهل ان لكل عقد اجتماعي طرفين، ومعظم المثقفين العرب الذين حوكموا بتهمة التكفير كان اول من تقدم ضدهم بالشكاوي افراد من عامة المجتمع، واحيانا استعدى النظام الاجتماعي النظام السياسي على المثقف الذي يملك وعيا مفارقا للسائد !!
الدستور 2017-08-09