سيناريو ثالث لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني
هناك أنباء ومعلومات عن مداولات ودعوات لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، وهي أنباء ومعلومات باتت تتكرر عدة مرات في العام الواحد، دون أن ينعقد المجلس، ولكن النقاش الذي يثار دائماً، هو ما هي السيناريوهات التي يمكن أن ينعقد بها المجلس؟. وعادة هناك سيناريوهان، الأول عقد مجلس توحيدي يضم كل الفصائل الجديدة والقديمة، والثاني أن ينعقد بعضويته القديمة، والواقع أن هناك سيناريو ثالثا يقوم على التجديد لا يحتاج لموافقة الفصائل.
من الأنباء أن اللجنة المركزية لحركة "فتح" ستجتمع لمناقشة مسألة الدعوة لعقد المجلس، ومن الأنباء إرسال القيادي في حركة "فتح"، نبيل عمرو رسالة للرئيس الفلسطيني، تتضمن تصوراً لعقد المجلس. كذلك صرح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، الاثنين الفائت، أن هناك تحضيرات ومشاورات تجري لانعقاد المجلس خلال شهر أيلول القادم. ولكن من الأنباء أيضاً نفي الجهات المسؤولة إعلامياً في المجلس الوطني "ما تداولته وسائل الإعلام حول تحديد موعد لعقد دورة للمجلس"، وجاء في بيان على موقع المجلس على الإنترنت "أن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون نفى صباح اليوم (الأحد) تحديد موعد لعقد دورة للمجلس الوطني، وأن الموضوع ما يزال قيد المشاورات بين فصائل العمل الفلسطيني".
يقوم السيناريو المطروح حالياً، كما يبدو، على عقد مجلس وطني بأعضائه الحاليين، وهذا ما يعد غالبا من قبل مراقبين، بأنه الصيغة الأسوأ، أو الأقل جودة، وسارعت حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي لرفضها.
ما يريد كُثُرٌ رؤيته هو مجلس وطني توحيدي، يضم القوى السياسية الفاعلة، وتحديداً حركتي "حماس"، والجهاد الإسلامي، وربما إبعاد فصائل لم يعد لها وجود شعبي. وهذا السيناريو الذي يعتبر بالنسبة لكثيرين هو الأفضل، يحتاج لاستئناف التفاهمات بين الفصائل، وإقرار نظام جديد لتشكيل المجلس. وعملياً لا يوجد شيء حقيقي اتفقت عليه الفصائل، في لقاءاتها بشأن تجديد المنظمة، وهي لقاءات تتم منذ عقود وليس سنوات فقط، سوى إبعاد غير الفصائل. بمعنى آخر، اتفقت الفصائل، وخصوصاً "فتح" و"حماس" أن أي مجلس جديد سيشكل بانتخابات، وفق قوائم نسبية، أي كل فصيل يأخذ نسبة مئوية من مقاعد المجلس بحجم الأصوات التي حصل عليها. وهذا يعني تغيير تركيبة المجلس الحالية التي تعطي نسبة مهمة للاتحادات الشعبية والنقابية وللكفاءات والطاقات المستقلة.
ربما تقوم فكرة نبيل عمرو على انعقاد المجلس بطريقته القديمة ولكن بعضوية جديدة، إن أمكن. أو تحسين خيار انعقاد المجلس بأعضائه الحاليين، "للعمل على تأمين حضور جميع القوى السياسية الفلسطينية للدورة العادية، وفق القواعد المعمول بها تقليدياً في تشكيل المجالس وكيفية مشاركة القوى"، ويضيف عمرو أنه في حال مقاطعة بعض الفصائل فإنّ "كل فصيل لا بد أن يتحمل تبعة قراره، وليس الشعب الفلسطيني بأسره"، وإذا كانت الصيغة التي يقدمها عمرو تحتاج إيضاحا لطبيعة مشاركة الفصائل وأسس تحديد الأوزان، ولكن بالمجمل كأنه يقول أن ينعقد المجلس بقواعده القديمة، وطرق تشكيله القديمة، القائمة على التشاور والتوافق، (ولكن ربما ليس بذات العضوية)، وإذا لم يكن هناك توافق فينعقد بمن ينعقد به، ممن تتوصل لهم اللجنة المكلفة.
في الواقع يمكن الإضافة لهذه الفكرة، ما يطور سيناريو ثالثا لانعقاد المجلس، هو تجديد أعضائه من ممثلي الاتحادات المهنية والنقابية والشعبية والكفاءات، بانتخابات تجرى للاتحادات المختلفة، وفروعها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تختار مجالس طلبة الجامعات المنتخبة في الضفة والقطاع واتحادات خارجية ممثليها للمجلس الوطني. وتجرى انتخابات عامة للمعلمين والمهندسين والأطباء ورجال الأعمال والكتّاب وغيرهم، على أن تكون انتخابات حقيقية فيها تجديد قاعدة عضوية هذه المؤسسات، وأن يكون من مهام اللجنة المعنية حث أكبر شريحة ممكنة من الطاقات الفلسطينية الشابة والجديدة للانخراط في هذه المؤسسات، بغض النظر عن انتمائها الفصائلي، وهذا يجدد المجلس الوطني، ويجعل مسألة التوافق الفصائلي أقل أهمية، خصوصا أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني غير مؤطرة رسمياً بالفصائل.
وهذه الطريقة تسمح للفصائل أن تقدم مرشحيها لانتخابات هذه المؤسسات، ثم يسهل عمل أي لجنة لعقد مجلس وطني جامع.
الغد 2017-08-09