هل توقف التنسيق الأمني مع إسرائيل خلال أحداث الأقصى ؟
حتى الإسرائيليون ، من بعض الكتاب والمراسلين الأمنيين والعسكريين الموثوقين أكدوا بان التنسيق الأمني بين السلطة وبين إسرائيل توقف تزامنا مع أحداث الأقصى ، وإن كان قرار مثل هذا له تبعات قد تنعكس على وجود السلطة أصلا ، على اعتبار أن وجودها هو رهن بهذا التنسيق ، ونحن ، هنا ، نريد أن نصدق ، لكي لا نظلم السلطة ، بأن التنسيق خفت وتيرته وقتذاك ولم يكن شاملا وكاملا كما كان قبل الأحداث ، أي أنه استمر ولم ينقطع .
من ذلك ما كشفت عنه المصادر الأمنية عبر تسريبات للصحافة العبرية عن اقتحامات أجراها الجيش الإسرائيلي في مناطق " أ " وكذلك إعادة جثامين لشهداء فلسطينيين ، وهي خطوات لا يمكن ان تتم إلا بالتنسيق بين ضباط الإرتباط من الطرفين ، وأثناء أحداث الأقصى الأخيرة .
فمن ضمن الدارج والذي بات قدرا مقدورا ، أن تقوم السلطة بإخلاء المناطق التي تتواجد فيها لتفسح المجال لقوات الإحتلال للقيام باعتقالات ، ولقد نفذت قوات الإحتلال بالفعل خطوات من هذا القبيل بعد الإعلان عن وقف التنسيق العتيد وفق المصادر نفسها .
وإذا لعبها الفلسطينيون " صح " كما يقال ، فإن عليهم إعادة التأكيد على مطالب لم تستمع إليها إسرائيل من قبل ، وتعتبر بالنسبة لهم مهمة للغاية وذات أبعاد شتى .
ومن بين هذه المطالب على سبيل المثال إعادة الأمن الفلسطيني إلى معبر الكرامة ، وإعادة انتشار الشرطة الفلسطينية إلى ما كان عليه الأمر سابقا ، بالإضافة إلى الوقف النهائي للإقتحامات الإسرائيلية لمناطق " أ " ومنح السلطة مساحات سيطرة أكبر في مناطق " ب " و " سي " وغيرها .
بإمكان السلطة انتزاع مواقف إسرائيلية وأمريكية هذا الأوان : فالحليفان ترامب ونتنياهو في أضعف حالاتهما : الأول بات يستجدي بيجين للضغط على بيونغ يانغ ، أما الثاني فموقعه كرئيس للحكومة بدأ يترنح ، وإذا كان هناك من حصافة ، فإن وقف التنسيق الأمني كليا يجب أن يكون هو الأصل لأن في ذلك فرصة لن تتكرر ، دون أن يعني هذا أننا مع التنسيق الجزئي البغيض الذي هو في كل القواميس الوطنية خيانة للقضية وشعبها ، ولكننا نتحدث هنا عن استحقاقات ضمن أوسلو الذي تعمل السلطة في هذه النقطة بالذات تحت سقفه ، خاصة إذا علمنا بأن الليكود بدأ يبحث عن رئيس وزراء آخر بعد فضائح النتن ياهو في ما ينسب إليه من رشا وفضائح وغير ذلك من اتهامات قد تطيح به ، إن لم تكن تودي به في السجن كما وقع مع سلفه أيهود أولمرت .
وكما هو واضح ، فإن استمراء السلطة لوجودها السياسي في الضفة بفضل أوسلو الذي لم يعطها شيئا، ودوام تنسيقها الأمني المجاني رغم كل جرائم الإحتلال كشف بأن هاجسها الوحيد هو بقاؤها حية على الأرض ، وإذا سأل الفلسطينيون : ماذا أنجزت من مشروع التحرير ؟ فإنهم لن يجدوا شيئا ، سوى تحويل المظاهرات من غضب ضد إسرائيل بسبب الإحتلال إلى غضب ضد السلطة بسبب تأخير الرواتب .
د.فطين البداد