أوراق قضية معارك أبو تايه...شغب سبق حادث الجفر ورفض تشريح جثث الأميركيين
تم نشره الإثنين 21st آب / أغسطس 2017 02:28 مساءً
تشكيك من أقارب معارك بالرواية الرسمية لواقعة الجفر
المدينة نيوز :- يبدي صايل أبو تايه المستشار في الديوان الملكي الأردني لشؤون البادية والوصي الشرعي على أبناء الجندي معارك أبو تايه، تفاؤله من تأخر رئيس هيئة الأركان المشتركة والقائد العام للجيش الفريق الركن محمود فريحات، في المصادقة على الحكم بإدانة معارك بقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة الجفر في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قائلا "هذا الأمر أعتبره مؤشرا على عدم اطمئنان الرئيس للحكم وشعوره بأنه غير عادل".
ويربض الحكم النهائي الصادر في 3 أغسطس/آب الجاري عن محكمة الاستئناف العسكرية في "قضية الجفر" المدان فيها الجندي الأردني معارك أبو تايه، بقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة آخر، بين يدي الفريق الركن محمود فريحات، بانتظار قرار نهائي بالموافقة على الحكم أو رده، في خطوة تعد الأخيرة في مسيرة الاستئناف الذي يعتبر واجبا، وإن لم يتقدم به المدان وفق الفقرة "ج" من المادة التاسعه من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري التي نصت على أنه "يكون الحكم الصادر بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو المؤقت مدة لا تقل عن خمس سنوات واجب الاستئناف، وإن لم يطلب المحكوم".
وأيدت محكمة الاستئناف العسكرية حكم المحكمة العسكرية، والتي قضت بحبس الجندي معارك بالأشغال الشاقة مدى الحياة لإدانته بجناية القتل القصد الواقع على أكثر من شخص، وجنحة مخالفة التعليمات والأوامر العسكرية، بعد أن أعلنت المحكمة، مسؤوليته عن قتل ثلاثة جنود أميركيين حاولوا الدخول إلى قاعدة الملك فيصل بن عبدالعزيز الجوية الكائنة في منطقة الجفر جنوب الأردن.
إلا أنه مع مرور الأيام يزداد الغموض حول القضية التي ما تزال تشغل الرأي العام الأردني، وهو ما حاول "العربي الجديد"، إزالته عبر ملف القضية، الذي يكشف تدخلا أميركيا لعدم تشريح جثث الجنود القتلى، بالإضافة إلى حلقة مفقودة أخرى، إذ وقعت حوادث شغب وإطلاق نار في مركز التدريب داخل القاعدة قبل يومين من وقوع الحادثة.
رفض تشريح جثث القتلى
تمكن "العربي الجديد" من الحصول على ملف القضية الذي تضمن إفادات الطبيب الشرعي محمود زريقات وإفادة الجندي المدان معارك، وشهود النيابة وشهود الدفاع، وتكشف شهادة الطبيب زريقات عن رفض الأميركيين تشريح جثث الجنود القتلى، إذ ورد في شهادة الطبيب الشرعي "قد كنا نرغب بتشريح الجثث، الا أن العقيد كلينتون اكيل المعرف على الجثث، نقل لنا رسالة السفيرة الأميركية في الأردن برفض التشريح ولهذا السبب لم نقم بتشريح الجثث، وقد قمنا بتنظيم هذه التقارير بناء على الكشف الظاهري لهذه الجثث".
"ويخالف الإجراء السابق، أحكام المادة 40 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني وتعديلاته، والتي تنص على أنه إذا مات شخص قتلا أو بأسباب مجهولة باعثة على الشبهة فيستعين المدعي العام بطبيب أو أكثر لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة جثة الميت"، بحسب إفادة مدير عام المركز الوطني للطب الشرعي الأسبق الدكتور مؤمن الحديدي، والذي قال لـ"العربي الجديد": "عندما لم يأمر المسؤول عن التحقيق بتشريح الجثث، يكون قد جانب الصواب وفقد التحقيق أدلة هامة، مضيفا "إن العرف القانوني السائد يتمثل في تشريح الجثة حال وقوع جريمة القتل، لجمع الأدلة الجنائية وتحديد أسباب الوفاة".
وتتفق المحامية أمام محاكم الجنايات لين الخياط مع الدكتور الحديدي، في مخالفة فعل عدم التشريح لأحكام القانون الأردني، واعتبرته تدخلا في مجريات التحقيق، وفق ما قالت ، ويعلق صايل أبو تايه، المستشار بالديوان الملكي والوصي الشرعي على أبناء الجندي معارك على ما جرى، قائلا "رفض السفيرة الأميركية تشريح الجثث اختراق للقانون الأردني والقوانين الجنائية المتعارف عليها في العالم"، ولا يدل ذلك إلا على حقيقة واحدة بحسب أبو تايه "وهي إخفاء أدلة قد تكون هامة ما يضلل التحقيق، وقد يكون الأمر من أجل إلصاق التهمة بمعارك"، وهو ما يعد تضييعا للحقيقة، وفق تعليق المحامي صبحي المواس في مرافعته المدرجة في ملف القضية "هناك قصور في شهادة الطب الشرعي بسبب عدم تشريح الجثث الذي حال دون استخراج رؤوس الطلقات المستقرة في الجثة، وبالتالي تعليل سبب الوفاة كان بناء على المشاهدات الظاهرية، وليس بناء على التشريح، ولم يتم معرفة مصدر الطلقات المستقرة إن كانت من سلاح رشاش أو بندقية آلية أو مسدس، مما يجعل من التقارير الطبية، محلا للطعن فيها وبطلان محتوياتها، وبالتالي يجب عدم اعتمادها بشكلها الحالي، مشيرا إلى "أن شهادة الطبيب الشرعي لا تشير من قريب ولا من بعيد إلى معارك".
يكشف ملف القضية عن إجراء الكشف على مسرح الجريمة بعد مرور أربع وعشرين ساعة على الحادث، وهو ما يخالف المادة 29 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتي تنص على أنه "إذا وقع جرم مشهود يستوجب عقوبة جنائية يجب على المدعي العام أن ينتقل في الحال إلى موقع الجريمة".
وقد يؤدي عدم الكشف عن مسرح الجريمة في غضون 24 ساعة، إلى تغيير بعض المعالم واختفائها، خاصة أن موقع الجريمة في منطقة صحراوية عرضة للزوابع والرياح النشطة المحملة بالأتربة، بحسب المحامي المواس، والذي لفت إلى أن عملية نقل المصابين ودخول سيارات الإسعاف والدفاع المدني، علاوة على أن تحريك سيارات الرتل الأميركي من مكان الحادث إلى داخل القاعدة، يؤدي إلى تغيير مسرح الجريمة.
وتساءل المواس عن سر عدم ضبط وتحريز أي مسدس بالرغم من ضبط 19 ظرفا فارغا لمسدس 9 ملم، وتحريز سلاح ناري أتوماتيكي عدد 2 من نوع إم 16 ورشاش إم 60 أتوماتيكي، وفقا لما جاء في ملف القضية.
الموضوع ذاته اعتبره الوصي الشرعي على أبناء الجندي معارك، صايل أبو تايه دليلا على رفض المعنيين تسليم الأداة الجرمية، ومحاولة إخفاء جانب هام من حقيقة ما حدث بأنه معركة حقيقية.
السوريون حلقة مفقودة
تكشف إفادة الجندي معارك الواردة في ملف القضية عن حلقة مفقودة في حادثة الجفر، إذ قال معارك في إفادته "في الليلة السابقة لهذه الحادثة سمعت عن وجود مشاكل في مركز التدريب داخل القاعدة وإطلاق عيارات نارية، الذي دفعني لإطلاق النار مباشرة دون التأكد من الموضع".
الأمر ذاته أكده المحامي المواس في مرافعته، إذ "قال الشهود إنه وقبل يومين من الحادث وقع شغب في مركز التدريب داخل القاعدة، وقد استعملت به الأسلحة النارية وإطلاق النار، وإن الأوامر قد صدرت إليهم بتشديد الحراسة وتطبيق قواعد الاشتباك".
الموضوع سالف الذكر أشار إليه الوصي الشرعي لأبناء معارك، في تصريحه لـ"العربي الجديد" قائلا: "قبل الحادثة بيومين وقع إشكال ما بين متدربين سوريين ومدربين أميركان، وتلى ذلك ما حصل يوم الجمعة".
وحتى الآن لم تنشر رواية رسمية حول واقعة الشغب والإشكال بين السوريين والأميركيين، وفق ما رصدت معدة التحقيق.
تأكيد على براءة معارك
يؤكد صايل أبو تايه على براءة معارك ويعتبر أن أي قرار غير البراءة، سيكون مجحفا ومغايرا لحقيقة ما وقع، رافضا الفيلم الذي نشرته القوات المسلحة الأردنية حول الواقعة، إذ تناقضه أقوال الشهود على حد قوله.
في ذات السياق ذكر معارك في ثلاث إفادات دفاعية، والتي قدمها أمام هيئة التحقيق والمدعي العام والمحكمة العسكرية، أنه "بحدود الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا توجهت إلى باب القاعدة من أجل شحن جهاز اللاسلكي وكان سلاحي الفردي بحوزتي، وبوصولي إلى الباب شاهدت رتل الجانب الأميركي قادما إلى الباب، قمت بفتح باب السحاب لهم ودخلت مجموعة سيارات من الرتل، وبعد ذلك توجهت إلى الكوخ الموجود على الباب الرئيسي، وقمت بوضع سلاحي على الطاولة، ولم يكن مجهزا بالذخيرة، وقمت بشحن جهاز اللاسلكي وبقيت داخل الكوخ، وبعد حوالي ثلث ساعة من ذلك دخل رتل من سيارات الجانب الأميركي، حيث توجه الرقيب محمد إلى المقص الخارجي للقاعدة، وقام بفتحه للرتل وتوجه الرقيب/1 هارون إلى باب السحاب لفتحه، وبقيت أنا داخل الكوخ، وما بين دخول الرتل من المقص إلى الباب الرئيسي، سمعت صوت إطلاق نار، قمت على الفور بإطلاق النار باتجاه سيارات الرتل دون أن أتأكد من الموضوع، كوني شعرت بأنه يوجد إطلاق نار على الوظائف وعلى المقص الخارجي للقاعدة، وبقيت أرمي النار باتجاه السيارات من أجل تعطيلها، وكان يوجد إطلاق نار باتجاهي من سيارات الرتل، وبعد أن توقفت سيارة الرتل خرجت من الكوخ باتجاه الرتل للتأكد من إطلاق النار، حيث شاهدت أحد الأشخاص يقوم بإطلاق النار من مسدس باتجاهي، فقمت بإطلاق النار باتجاهه، وقمت بأخذ احتراس من اتجاه الكوخ الغربي وبدأت بإطلاق النار باتجاهي وبعدها تقدمت بين السيارت للبحث عن زميلي الرقيب محمد جبريل، حيث شاهدت شخصين يقومان بإطلاق النار باتجاهي، وقمت أنا بإطلاق النار باتجاههم، واشتبكت معهم وتقدمت إليهم وأنا أطلق النار، حيث أصبت أحدهم والآخر أصابني بعيار ناري في بطني، ووقتها وقعت على الأرض وفقدت الوعي".
ووفقا لما جاء في مرافعة المحامي المواس الواردة في ملف القضية فإن قيام الجندي معارك بإطلاق النار من الشباك "كان تطيبقا لقواعد الاشتباك النار بالنار، إذ أن القواعد تقضي بأن يقوم الجندي بإطلاق النار على مصدر إطلاق النار مباشرة، ودون الانتظار لتلقي أية أوامر بإطلاق النار، حيث أن الموقف لا يحتمل الانتظار لتلقي أوامر بالرد على إطلاق النار، بدلالة نص المادة 61 من قانون العقوبات الأردني على "لا يعد جريمة الفعل المرتكب في أي من الأحوال التالية: تنفيذا للقانون، إطاعة لأمر صدر إليه من مرجع ذي اختصاص يوجب عليه القانون إطاعته إلا إذا كان الأمر غير مشروع".
كما أن إفادات شهود النيابة أكدت ما قاله معارك، إذ أكد الشهود على سماعهم لصوت إطلاق نار في البداية، كما قال الشاهد الجندي سليمان الطناشات في أقواله التي جاءت في أوراق القضية، مؤكدا أنه "أثناء وظيفتي خرج من القاعدة رتل سيارات من الجانب الأميركي وبحدود الساعة الحادية عشرة والنصف ظهرا، توجه الرقيب/1 معارك إلى باب القاعدة من أجل شحن جهاز اللاسلكي التشاركي، وبحدود الساعه الثانية عشرة ظهرا حضر رتل آخر من سيارات الجانب الأميركي وقامت إحدى السيارات بالدخول، وأثناء ذلك سمعت صوت طلقة، ولم أتمكن من تحديد السلاح".
وجاءت إفادة الجندي محمد الزيدانيين متفقة مع شهادة سليمان ومعارك، وأكد خلالها قيام الأميركيين بإطلاق النار بالبداية، وأشار إلى ما تعرض له من اعتداء من قبل جندي أميركي، حيث قال "بحدود الساعة الثانية عشرة إلا ربعا تقريبا، وأثناء دخول رتل لسيارات إلى الجانب الأميركي سمعت صوت طلقة ولم أتمكن من معرفة مصدرها، وإن الباب الرئيسي للقاعدة مكشوف لي، حيث اتخذت حاجزا وتسترت خلفه، وبعدها شاهدت إطلاق نار من سيارات الجانب الأميركي، إلا أنني لم أعرف باتجاه من كانت الرماية وبعدها حصل ردا على الجانب الأميركي من الجهة الأخرى، حيث شاهدت من هذه الجهة الرقيب معارك بين الحواجز خارج القاعدة وشاهدته وهو يقوم في الرماية، وأثناء ذلك كان أحد الأميركان قد أشهر سلاحه باتجاهي، وطلب مني نزع سلاحي ورميه على الأرض، وبقي الجندي الأميركي متحرصا علي، وطلب مني الزحف إلى الخارج".
ويربض الحكم النهائي الصادر في 3 أغسطس/آب الجاري عن محكمة الاستئناف العسكرية في "قضية الجفر" المدان فيها الجندي الأردني معارك أبو تايه، بقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة آخر، بين يدي الفريق الركن محمود فريحات، بانتظار قرار نهائي بالموافقة على الحكم أو رده، في خطوة تعد الأخيرة في مسيرة الاستئناف الذي يعتبر واجبا، وإن لم يتقدم به المدان وفق الفقرة "ج" من المادة التاسعه من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري التي نصت على أنه "يكون الحكم الصادر بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو المؤقت مدة لا تقل عن خمس سنوات واجب الاستئناف، وإن لم يطلب المحكوم".
وأيدت محكمة الاستئناف العسكرية حكم المحكمة العسكرية، والتي قضت بحبس الجندي معارك بالأشغال الشاقة مدى الحياة لإدانته بجناية القتل القصد الواقع على أكثر من شخص، وجنحة مخالفة التعليمات والأوامر العسكرية، بعد أن أعلنت المحكمة، مسؤوليته عن قتل ثلاثة جنود أميركيين حاولوا الدخول إلى قاعدة الملك فيصل بن عبدالعزيز الجوية الكائنة في منطقة الجفر جنوب الأردن.
إلا أنه مع مرور الأيام يزداد الغموض حول القضية التي ما تزال تشغل الرأي العام الأردني، وهو ما حاول "العربي الجديد"، إزالته عبر ملف القضية، الذي يكشف تدخلا أميركيا لعدم تشريح جثث الجنود القتلى، بالإضافة إلى حلقة مفقودة أخرى، إذ وقعت حوادث شغب وإطلاق نار في مركز التدريب داخل القاعدة قبل يومين من وقوع الحادثة.
رفض تشريح جثث القتلى
تمكن "العربي الجديد" من الحصول على ملف القضية الذي تضمن إفادات الطبيب الشرعي محمود زريقات وإفادة الجندي المدان معارك، وشهود النيابة وشهود الدفاع، وتكشف شهادة الطبيب زريقات عن رفض الأميركيين تشريح جثث الجنود القتلى، إذ ورد في شهادة الطبيب الشرعي "قد كنا نرغب بتشريح الجثث، الا أن العقيد كلينتون اكيل المعرف على الجثث، نقل لنا رسالة السفيرة الأميركية في الأردن برفض التشريح ولهذا السبب لم نقم بتشريح الجثث، وقد قمنا بتنظيم هذه التقارير بناء على الكشف الظاهري لهذه الجثث".
"ويخالف الإجراء السابق، أحكام المادة 40 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني وتعديلاته، والتي تنص على أنه إذا مات شخص قتلا أو بأسباب مجهولة باعثة على الشبهة فيستعين المدعي العام بطبيب أو أكثر لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة جثة الميت"، بحسب إفادة مدير عام المركز الوطني للطب الشرعي الأسبق الدكتور مؤمن الحديدي، والذي قال لـ"العربي الجديد": "عندما لم يأمر المسؤول عن التحقيق بتشريح الجثث، يكون قد جانب الصواب وفقد التحقيق أدلة هامة، مضيفا "إن العرف القانوني السائد يتمثل في تشريح الجثة حال وقوع جريمة القتل، لجمع الأدلة الجنائية وتحديد أسباب الوفاة".
وتتفق المحامية أمام محاكم الجنايات لين الخياط مع الدكتور الحديدي، في مخالفة فعل عدم التشريح لأحكام القانون الأردني، واعتبرته تدخلا في مجريات التحقيق، وفق ما قالت ، ويعلق صايل أبو تايه، المستشار بالديوان الملكي والوصي الشرعي على أبناء الجندي معارك على ما جرى، قائلا "رفض السفيرة الأميركية تشريح الجثث اختراق للقانون الأردني والقوانين الجنائية المتعارف عليها في العالم"، ولا يدل ذلك إلا على حقيقة واحدة بحسب أبو تايه "وهي إخفاء أدلة قد تكون هامة ما يضلل التحقيق، وقد يكون الأمر من أجل إلصاق التهمة بمعارك"، وهو ما يعد تضييعا للحقيقة، وفق تعليق المحامي صبحي المواس في مرافعته المدرجة في ملف القضية "هناك قصور في شهادة الطب الشرعي بسبب عدم تشريح الجثث الذي حال دون استخراج رؤوس الطلقات المستقرة في الجثة، وبالتالي تعليل سبب الوفاة كان بناء على المشاهدات الظاهرية، وليس بناء على التشريح، ولم يتم معرفة مصدر الطلقات المستقرة إن كانت من سلاح رشاش أو بندقية آلية أو مسدس، مما يجعل من التقارير الطبية، محلا للطعن فيها وبطلان محتوياتها، وبالتالي يجب عدم اعتمادها بشكلها الحالي، مشيرا إلى "أن شهادة الطبيب الشرعي لا تشير من قريب ولا من بعيد إلى معارك".
مسرح الجريمة
يكشف ملف القضية عن إجراء الكشف على مسرح الجريمة بعد مرور أربع وعشرين ساعة على الحادث، وهو ما يخالف المادة 29 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتي تنص على أنه "إذا وقع جرم مشهود يستوجب عقوبة جنائية يجب على المدعي العام أن ينتقل في الحال إلى موقع الجريمة".
وقد يؤدي عدم الكشف عن مسرح الجريمة في غضون 24 ساعة، إلى تغيير بعض المعالم واختفائها، خاصة أن موقع الجريمة في منطقة صحراوية عرضة للزوابع والرياح النشطة المحملة بالأتربة، بحسب المحامي المواس، والذي لفت إلى أن عملية نقل المصابين ودخول سيارات الإسعاف والدفاع المدني، علاوة على أن تحريك سيارات الرتل الأميركي من مكان الحادث إلى داخل القاعدة، يؤدي إلى تغيير مسرح الجريمة.
وتساءل المواس عن سر عدم ضبط وتحريز أي مسدس بالرغم من ضبط 19 ظرفا فارغا لمسدس 9 ملم، وتحريز سلاح ناري أتوماتيكي عدد 2 من نوع إم 16 ورشاش إم 60 أتوماتيكي، وفقا لما جاء في ملف القضية.
الموضوع ذاته اعتبره الوصي الشرعي على أبناء الجندي معارك، صايل أبو تايه دليلا على رفض المعنيين تسليم الأداة الجرمية، ومحاولة إخفاء جانب هام من حقيقة ما حدث بأنه معركة حقيقية.
السوريون حلقة مفقودة
تكشف إفادة الجندي معارك الواردة في ملف القضية عن حلقة مفقودة في حادثة الجفر، إذ قال معارك في إفادته "في الليلة السابقة لهذه الحادثة سمعت عن وجود مشاكل في مركز التدريب داخل القاعدة وإطلاق عيارات نارية، الذي دفعني لإطلاق النار مباشرة دون التأكد من الموضع".
الأمر ذاته أكده المحامي المواس في مرافعته، إذ "قال الشهود إنه وقبل يومين من الحادث وقع شغب في مركز التدريب داخل القاعدة، وقد استعملت به الأسلحة النارية وإطلاق النار، وإن الأوامر قد صدرت إليهم بتشديد الحراسة وتطبيق قواعد الاشتباك".
الموضوع سالف الذكر أشار إليه الوصي الشرعي لأبناء معارك، في تصريحه لـ"العربي الجديد" قائلا: "قبل الحادثة بيومين وقع إشكال ما بين متدربين سوريين ومدربين أميركان، وتلى ذلك ما حصل يوم الجمعة".
وحتى الآن لم تنشر رواية رسمية حول واقعة الشغب والإشكال بين السوريين والأميركيين، وفق ما رصدت معدة التحقيق.
يؤكد صايل أبو تايه على براءة معارك ويعتبر أن أي قرار غير البراءة، سيكون مجحفا ومغايرا لحقيقة ما وقع، رافضا الفيلم الذي نشرته القوات المسلحة الأردنية حول الواقعة، إذ تناقضه أقوال الشهود على حد قوله.
في ذات السياق ذكر معارك في ثلاث إفادات دفاعية، والتي قدمها أمام هيئة التحقيق والمدعي العام والمحكمة العسكرية، أنه "بحدود الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا توجهت إلى باب القاعدة من أجل شحن جهاز اللاسلكي وكان سلاحي الفردي بحوزتي، وبوصولي إلى الباب شاهدت رتل الجانب الأميركي قادما إلى الباب، قمت بفتح باب السحاب لهم ودخلت مجموعة سيارات من الرتل، وبعد ذلك توجهت إلى الكوخ الموجود على الباب الرئيسي، وقمت بوضع سلاحي على الطاولة، ولم يكن مجهزا بالذخيرة، وقمت بشحن جهاز اللاسلكي وبقيت داخل الكوخ، وبعد حوالي ثلث ساعة من ذلك دخل رتل من سيارات الجانب الأميركي، حيث توجه الرقيب محمد إلى المقص الخارجي للقاعدة، وقام بفتحه للرتل وتوجه الرقيب/1 هارون إلى باب السحاب لفتحه، وبقيت أنا داخل الكوخ، وما بين دخول الرتل من المقص إلى الباب الرئيسي، سمعت صوت إطلاق نار، قمت على الفور بإطلاق النار باتجاه سيارات الرتل دون أن أتأكد من الموضوع، كوني شعرت بأنه يوجد إطلاق نار على الوظائف وعلى المقص الخارجي للقاعدة، وبقيت أرمي النار باتجاه السيارات من أجل تعطيلها، وكان يوجد إطلاق نار باتجاهي من سيارات الرتل، وبعد أن توقفت سيارة الرتل خرجت من الكوخ باتجاه الرتل للتأكد من إطلاق النار، حيث شاهدت أحد الأشخاص يقوم بإطلاق النار من مسدس باتجاهي، فقمت بإطلاق النار باتجاهه، وقمت بأخذ احتراس من اتجاه الكوخ الغربي وبدأت بإطلاق النار باتجاهي وبعدها تقدمت بين السيارت للبحث عن زميلي الرقيب محمد جبريل، حيث شاهدت شخصين يقومان بإطلاق النار باتجاهي، وقمت أنا بإطلاق النار باتجاههم، واشتبكت معهم وتقدمت إليهم وأنا أطلق النار، حيث أصبت أحدهم والآخر أصابني بعيار ناري في بطني، ووقتها وقعت على الأرض وفقدت الوعي".
ووفقا لما جاء في مرافعة المحامي المواس الواردة في ملف القضية فإن قيام الجندي معارك بإطلاق النار من الشباك "كان تطيبقا لقواعد الاشتباك النار بالنار، إذ أن القواعد تقضي بأن يقوم الجندي بإطلاق النار على مصدر إطلاق النار مباشرة، ودون الانتظار لتلقي أية أوامر بإطلاق النار، حيث أن الموقف لا يحتمل الانتظار لتلقي أوامر بالرد على إطلاق النار، بدلالة نص المادة 61 من قانون العقوبات الأردني على "لا يعد جريمة الفعل المرتكب في أي من الأحوال التالية: تنفيذا للقانون، إطاعة لأمر صدر إليه من مرجع ذي اختصاص يوجب عليه القانون إطاعته إلا إذا كان الأمر غير مشروع".
كما أن إفادات شهود النيابة أكدت ما قاله معارك، إذ أكد الشهود على سماعهم لصوت إطلاق نار في البداية، كما قال الشاهد الجندي سليمان الطناشات في أقواله التي جاءت في أوراق القضية، مؤكدا أنه "أثناء وظيفتي خرج من القاعدة رتل سيارات من الجانب الأميركي وبحدود الساعة الحادية عشرة والنصف ظهرا، توجه الرقيب/1 معارك إلى باب القاعدة من أجل شحن جهاز اللاسلكي التشاركي، وبحدود الساعه الثانية عشرة ظهرا حضر رتل آخر من سيارات الجانب الأميركي وقامت إحدى السيارات بالدخول، وأثناء ذلك سمعت صوت طلقة، ولم أتمكن من تحديد السلاح".
وجاءت إفادة الجندي محمد الزيدانيين متفقة مع شهادة سليمان ومعارك، وأكد خلالها قيام الأميركيين بإطلاق النار بالبداية، وأشار إلى ما تعرض له من اعتداء من قبل جندي أميركي، حيث قال "بحدود الساعة الثانية عشرة إلا ربعا تقريبا، وأثناء دخول رتل لسيارات إلى الجانب الأميركي سمعت صوت طلقة ولم أتمكن من معرفة مصدرها، وإن الباب الرئيسي للقاعدة مكشوف لي، حيث اتخذت حاجزا وتسترت خلفه، وبعدها شاهدت إطلاق نار من سيارات الجانب الأميركي، إلا أنني لم أعرف باتجاه من كانت الرماية وبعدها حصل ردا على الجانب الأميركي من الجهة الأخرى، حيث شاهدت من هذه الجهة الرقيب معارك بين الحواجز خارج القاعدة وشاهدته وهو يقوم في الرماية، وأثناء ذلك كان أحد الأميركان قد أشهر سلاحه باتجاهي، وطلب مني نزع سلاحي ورميه على الأرض، وبقي الجندي الأميركي متحرصا علي، وطلب مني الزحف إلى الخارج".