مظاهرات إدلب ضد جبهة النصرة .. ما مصيرها ؟
لعل أبو محمد الجولاني ، زعيم جبهة تحرير الشام ( جبهة النصرة ) أدرك الآن ، ولكن بعد فوات الأوان ، بأن تغيير ولائه لتنظيم القاعدة لن يمد له ولجبهته حبل النجاة أبدا ، بعد مظاهرات شهدتها إدلب تطالبه بالرحيل من المدينة لتتجنب التدمير وبعد تصاعد الدعوات لخروج التنظيم أو دمج مقاتليه بفصائل معتدلة .
فإذا كان الجولاني الذي خلع بيعة البغدادي باعترافه ، عندما استحوذ على جبهة النصرة التي كانت جزءا لا يتجزأ من تنظيم داعش ( الدولة الإسلامية في العراق والشام في حينه ) - بعد أن أرسله البغدادي إلى سوريا وأعطاه " شطر ماله " كما قال الجولاني في شريط فيديو - لعل هذا الشخص بات الآن أمام خيارين :
الأول : إما الإستمرار في السيطرة على إدلب ، وبالتالي تعريض المدينة للتدمير والمدنيين للتقتيل ، كما تفعل داعش في الأماكن التي تتواجد فيها .
الثاني : أن يرحل هو ومقاتلوه ، ولكن هذا الخيار يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا ، ولأسباب باتت واضحة ، تتعلق بضيق المساحات التي يمكن أن يلجأ إليها هذا الشخص وقادته ومقاتلوه القاعديون ، إلا إذا ورد اقتراح بترحيلهم إلى أماكن تحت سيطرة داعش ، وهوخيار يظل الأقرب للحل مع أنه خيار انتحاري على كل حال ، بسبب ضيق المساحات التي يحتلها تنظيم البغدادي ، ومحاصرته في أغلب مناطقه ، بالإضافة إلى " الدماء " التي أريقت بين الطرفين .
تذكرنا المظاهرات التي انطلقت في إدلب تطالب برحيل جبهة النصرة والجولاني من المدينة ، بالمظاهرات التي جرت في أكثر من مدينة سورية قبل سنوات عندما هتف السوريون نفس الهتافات مع تغيير في الأسماء : ( سوريا حرة ، داعش يطلع برة ) والآن : ( النصرة تطلع برة ) .
لقد دلت التكتيكات التي اتبعتها جبهة النصرة على قصور عقول القائمين عليها ، عندما اعتقدوا بأن تغيير مسمى " جبهة النصرة " إلى " جبهة تحرير الشام " ونزع الولاء أو البيعة من تنظيم القاعدة والظواهري سينجي التنظيم المتطرف من الهلاك ، ولكن : كيف ستنجو إدلب من مصير مأساوي إذا رفض الجولاني الإنسحاب من المدينة ؟؟ .
كل مراقب للوضع في سوريا ، وإدلب تحديدا يدرك بأن التحالف الأيراني التركي الأخير ( تحالف مصلحي غير استراتيجي على كل حال ) كان للأكراد في العراق واستفتائهم وجبهة صالح مسلم والمعارضة الكردية الإيرانية نصيب منه ، ولكن لا يجب أن يفوت كل حصيف بأن تحالف الملفات يشمل في جزء منه إدلب أيضا تماما كما يشمل حدود البلدين .
فإذا كان الرئيس التركي حمل إلى الأردن رسائل إيرانية بشأن الجنوب السوري كما كشفت تسريبات ، فإنه لا بأس من أن يلعب الإيرانيون دورا في إرغام النظام السوري على قبول استمرار فقدانه السيطرة على إدلب بعد النصرة ، على اعتبار أن الأهم بالنسبة للجميع هو "طرد الإرهابيين من المدينة " .
إن ملف إدلب تم فتحه ، في انتظار ما سيؤول إليه مصير هذه المدينة التي لم يتم تدميرها حتى الآن ، ولعل الجولاني وجبهته المتطرفة سيكونون سببا في ما لا تحمد عقباه ، وهو ما لا يتمناه أحد .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2017-08-27