عبد السلام المجالي .. أبو شريك !
المدينة نيوز – خاص – كتب رئيس التحرير - : هذا الرجل الذي ترونه في الكاركاتير هو عبد السلام المجالي ، أخو خضرة ، رئيس الوزراء الأسبق الذي كنا – كصحفيين – نفعل به العجب العجاب ، وكان يقابل كل ذلك بابتسامته المعهودة ، والمشهورة .
كان كاتب هذه السطور مديرا لتحرير شيحان قبل تسلم المجالي رئاسة الوزراء ، ولما كانت الأوضاع حامية ، وكان المجالي في وفد المفاوضات مع إسرائيل كان لا يمر أسبوع إلا ويرسمه الدكتور هشام خريم ، نفس رسام المدينة نيوز الآن ، وأي رسم واي كاريكاتير ..
كنا – مرات – نرسمه بـ " الشورت " ومرات أقل من " الشورت " وفي أحايين كثيرة كنا نتدخل في طريقة نومه وفي حديثه مع " أم سامر " وفي تنسيقه مع الوفد الفلسطيني المرافق الذي وفر له الأردن حينها مظلة سياسية وعلى كل حركات وسكنات عبد السلام المجالي الذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء الاردن .
الرجال لا يذهبون ، وليس أبو سامر اليوم لا رئيس حكومة ولا مسؤولا ذا سطوة ، ولأجل ذلك فإنه ما من أحد يجرؤ أن يتهمنا بـ " المصلحة " خاصة وأننا في هذا الموقع نكتب لأول مرة ، وبهذا النـّفـَس عن شخصية وطنية لها بصمات سياسية واقتصادية على بلد منذ وقع المجالي معاهدة السلام مع إسرائيل ..
عصر الصحافة الذهبي كان مع هذا الرجل ، ويذكر الدكتور هشام خريم أنه مر خميس لم يرسم فيه المجالي بأوضاع مضحكة ، مما دعا رئيس الحكومة إلى الإتصال بنا ليسأل : وين كاركاتيركم اليوم ، لا تكونوا جوبنتو " وكنا نتلقى هذا الإتصال بكل ما تصيخ إليه آذان الصحفيين من كلام يداعب طموحاتهم وآمالهم في حرية مسؤولة لا تضر أحدا وتخدم الصالح العام .
أذكر – ذات يوم – أننا رسمنا المجالي في بركة سباحة هو ونجمة داوود ، وأذكر أننا رسمناه يمتطي حمارا يعدو به في سباق خيول ، وأذكر ولا أذكر ، غير أن كل من عاصر تلك الحقبة من الزملاء سواء في شيحان أو في الصحف اليومية حتى ، لم يسجل على عبد السلام المجالي أي ضيق من الصحافة أو تبرم مما يرد فيها حتى بعد أن وقع معاهدة السلام ، كان الرجل يتلقى النقد تلو النقد وهو مبتسم .
الزاوية الشهيرة التي تدعى " على مكتب دولة الرئيس " كانت زاوية نارية يوقعها شخص ابتكره كاتب هذه السطور تحت اسم : " أبو شريك " وما زالت الزاوية في شيحان لغاية الآن ، وكان المجالي يستشعر أمرا إن تضمنت الزاوية كلاما باردا ، فيقوم بالإتصال قائلا : لا يكون حد أزعجكو .. فنجيبه بنعم أو لا ..
بعد خروج المجالي من الحكومة ، أحسسنا في الصحافة أننا فقدنا كبيرا فعلا ، رجل دولة من طراز عالي المستوى ، تحس وأنت تنقده بأنك تنقد نفسك ، هكذا كانت توحي دماثة أبي سامر ، وحسن خلقه وسعة صدره .
يكاد يكون رئيس الحكومة الوحيد الذي كتبنا مناقبه الحميدة هذه بعد أن استقال وقبل أن يجمع أغراضه من الدوار الرابع وينطلق إلى بيته بلحظات .. ! .. تصوروا : صحيفة تنتقد دائما رئيس الحكومة ، تمتدحه بعد مغادرته وتثني على تجربتها معه ، ولكل مقام مقال .
لا ندري لماذا كتبنا هذه الكلمات الآن ، لعلنا افتقدنا شيئا ما ، في زحمة العمل الصحفي الرصين ، المبني على العلم والوثيقة والمعلومة ،والبعيد كل البعد عن التهجيص والتخبيص ..
ابا سامر العزيز : أطال الله في عمرك ، وننشر هذه الكلمات غير آبهين بما سيقال عنها وفيها ، إذ يكفي أن تاريخك الصحفي ينتظر أن يكون له نصب تذكاري في أحد الشوارع الرئيسية الهامة وسط العاصمة ، فبمثلك تمضي الصحافة ويمضي الوطن لما يريده قائد الوطن ، أطال الله في عمره ..
أعود وأستودعك الله بما كنت أستودعك إياه عشرات المرات في شيحان بالعبارة ذاتها التي ما زال يضعها جهاد أبو بيدر : " أسلم لصديقك أبو شريك " .