متعهدو التأزيم !!
مهنة التعهد التي اشتق منها المتعهدون ليست حكرا على ميدان واحد، فهناك متعهدو بناء ومتعهدو فنانين يسعون الى تسويقهم في حفلات او افتعال أزمات بينهم كي يتوفر ملف للصحف الصفراء التي تعيش على الاشاعات والاثارة، لكن مهنة متعهدي التأزيم سياسية واعلامية بامتيازين وليس بامتياز واحد، ويمارسها متخصصون في صبّ الزيت على النار او البحث عن الصدوع والشقوق كما تفعل الديدان والحشرات، هؤلاء يستديرون مئة وثمانين درجة في اقل من اسبوع والبوصلة هي التسعيرة، شاهدناهم في حروب الخليج الثلاث، وهم يتحركون كبندول الساعة بانتظام ورشاقة بين بغداد ودمشق وطهران وواشنطن، ولا شيء يزعج هذه السلالة كالاستقرار في العلاقات سواء كانت بينية او اقليمية او دولية؛ لأن بضاعتهم هي الانحياز لطرف ضد طرف آخر بمعزل عن الحقائق والحيثيات ومنهم محامو الشيطان، ومحترفو التبرير والتمرير، اعتمادا على أرخص وأحط بلاغة عرفها العرب في تاريخهم وهي بلاغة التلاعب بالالفاظ والعزف على مترادفات اللغة، واجتزاء المواقف على طريقة لا تقربوا الصلاة!.
ما ان تندلع ازمة من اي نوع حتى يسارع المتعهدون الى اخذ مواقعهم سواء في الصحف اوعلى الشاشات اضافة الى ما تم اختراعه من وسائل التواصل ذات الحدين!!
والتنافس بين هؤلاء يصل ذروته ورغم انهم يظهرون كما لو انهم في خندق واحد وهم يرددون العبارات ذاتها الا انهم في حالة اشتباك دائم، ويحسد بعضهم البعض اذا تفوق عليه في البرهنة على استدارة المربع او تربيع الدائرة وبدلا من ان يمارسوا دورهم في تقريب وجهات النظر وتدوير الزوايا ونقل الخلاف الى مستوى الاختلاف المشروع ينفخون في الرماد بحثا عن بقايا جمرة ويصابون بالعمى !
انهم جذر البلاء والداء فمتى يشفي الله الناس منهم!!.
الدستور 2017-09-11