إيران واتفاق الجنوب السوري
ما ميز لقاءات لافروف في عمان تصريحه بالقول ان «اتفاق إطلاق النار نتيجة التعاون الأردني الروسي الأميركي هو الانجح بين جميع اتفاقات إطلاق النار السابقة»؛ مضيفا القول ان «من يتواجد في سوريا بدون موافقة دمشق يخرق القانون»، فالاتفاق بات معلنا وليس مجرد تسريبات من قبل كل من وزير الخارجية الاردني الصفدي والروسي لافروف؛ والاهم من ذلك انه لم يتم فيه تجاهل مطالب طهران والنظام السوري بإنهاء وجود الفصائل السورية المقاتلة جنوب سوريا باعتبارها متواجدة بدون موافقة دمشق وبالتأكيد طهران.
حقيقة تبرز عند قراءة طريقة تفاعل قوى المعارضة السورية مع الاتفاق في الجنوب والتي تجلت باعتراض الائتلاف السوري على دعوات سحب فصائل الجيش الحر من البادية السورية تبعها اعلان فصيل احمد العبدو واسود الشرقية اول امس أنهما تسلما طلبا رسميا بضرورة الانسحاب الى الحدود الاردنية؛ الامر الذي يعني تسليم اسلحتهم بما ينسجم الى حد كبير مع مطالب طهران والتي اشيع ان طهران نقلتها الى الاردن عبر الرئيس التركي اردوغان بعد لقاء رئيس هيئة الاركان التركي والايراني في اسطنبول قبل زيارة اردوغان بساعات.
ظهرت قوة تأثير طهران في الاتفاق وبلورته من خلال الطلب الرسمي بسحب فصائل الجيش الحر من البادية والذي قوبل باعتراض اعضاء في الائتلاف الحر؛ قابله محاولات من رياض حجاب كبير المفاوضين في الائتلاف لتعويم فصائل الجيش الحر من خلال اشراكها بمعارك الميادين والبوكمال؛ وهي محاولات واجهت معارضة كردية اذ اراد الاكراد دمجهم في قوات قسد ما يعني فك ارتباطهم بالجيش الحر والائتلاف السوري.
فطهران حاضرة في الاتفاق الروسي الاردني الذي تم بضوء اخضر امريكي؛ خصوصا ان مصالح الاردن لا تتوقف عند حدود سوريا ومعبر نصيبين بل تمتد الى معبر طريبيل حيث تملك ايران نفوذا كبيرا يساعد الى حد كبير في تعطيل او تمرير الاتفاقات على الارجح.
فوضى كبيرة تواجهها الفصائل السورية المقاتلة بعد الاعلان عن الاتفاق في عمان؛ يقابله شعور غير معلن بالارتياح من طهران ونظام الاسد اذ حقق نصرا رخيصا في الجنوب السوري على الارجح فالقوى الضاربة واليد العليا ميدانيا في الجنوب باتت تتبع للنظام السوري والمليشيا الايرانية في حين يقتصر التأثير الروسي على الدعم الجوي والاعلان عن الاتفاق ومراقبته ما زاد من حدة التوتر بين الكيان الاسرائيلي وطهران وحزب والله.
من ناحيته الاردن معني بالانفتاح على كافة الاطراف المنخرطة في الازمة السورية لحماية مصالحه، الا ان قدرته على حماية مصالحة ستبقى رهينة بالتطورات والتفاعلات الاقليمية للازمة السورية؛ فالتفاؤل المفرط يعد سذاجة مطبقة؛ فالضمانات الروسية الامريكية غير كافية لوحدها رغم السعي المتواصل لتحييد الجنوب السوري عن المشهد العام المربتط بالملفات المعقدة كالكرد وحزب الله.
الاردن يتمنى ان تلقى الكرة في ملعب الاطراف الاقليمية بعيدا عن حدوده ومصالحه وان تتحمل القوى الاقليمية كلف التصارع فيما بينها، وكلف فشل ونجاح الاتفاق من خلال محاولة استجابة عمان لمطالب الاطراف المتصارعة كافة على امل الحفاظ على مصالحها؛ امر سيبقى محل جدل فترة ليست بالقصيرة فتطورات الملف السوري لن تتوقف ما دام هناك لاعبون متعددون من العرب والكرد والنظام لسوري ممثل بعشيرته وقبيلته السياسية مقابل ايران وحزب الله والمليشيا التابعة لها سواء في العراق او سوريا؛ يقابلها تركيا وروسيا ومصالح مشتركة ومتعارضة تتقاطع احيانا وتتضارب تارة اخرى حالها كحال امريكا والملف الكردي.
سوريا ازمة معقدة ومربكة ومن الصعب حسمها بمجرد القضاء على داعش فما يحدث من اتفاقات وتقاسم للنفوذ لا يعد مقدمة لحل سياسي بل مقدمة لصراع طويل سيمتد فترة ليست بالقصيرة في المنطقة العربية، وواهم من يظن ان المنطقة وسوريا مقبلة على حل سياسي في ظل تعارض مصالح الكرد والعرب وعشيرة النظام السوري والترك والايرانيين والكيان الاسرائيلي؛ فالمنطقة مقبلة على صراع طويل اسس له ليدوم باقتراح حلول مأزومة لا تؤسس لحل سياسي حقيقي في سوريا والمنطقة؛ وهو ما سيتعامل معه الاردن لفترة ليست بالقصيرة.
السبيل 2017-09-13