هل الزواج المبكر لعنة؟
-1-
الزواج المبكر، حسب رأي البعض، أحد أهم أساليب معالجة مشكلات الكبت والحرمان والشقاء الجنسي، في بلادنا الشرقية، رغم أن هناك العديد من القوى، خاصة منظمات حقوق الإنسان الممولة بالكامل من جهات غربية، تقف بقوة ضد هذا الزواج، باعتباره اعتداء على حقوق الطفل، و»عنفا جنسيا» ضد الفتيات.
في الآونة الأخيرة، شنت الكثير من الحملات ضد تخفيض سن الزواج، خاصة بالنسبة للفتيات، تماهيا مع حملات «حماية الطفلات» من الاستغلال الجنسي، ذات المنشأ الغربي، المفارقة هنا أن الغرب نفسه يتعامل مع مسالة الزواج المبكر من حيث التشريع، على نحو مغاير لما هو شائع لدينا!
-2-
من طريف ما قرأت أخيرا، ومن عدة مصادر، أن جميع دول الاتحاد الأوروبي وجميع الولايات الأمريكية تقريباً تسمح بالزواج في سن 15 أو 16 بموافقة الأهل أو المحكمة، وفي ولاية نيوهامشير يسمح للفتيات بالزواج في سن 13، بينما تسمح به ولاية مستشوستس في سن 12، أما ولاية كَالِفُورنيا أكثر الولايات الأمريكية سكاناً فلا توجد بها سن أدنى أصلاً بل مطلوب فقط إذن الأهل أو المحكمة للزواج!
وبشيء من التفصيل، حسب تقرير لموقع «سكاي نيوز عربية»، يتراوح المعدل العالمي للسن القانونية للزواج بين 16-17 عاماً للشبان والفتيات، لكن بعض الدول تتيح الزواج في سن أقل. وأعلنت الحكومة الإسبانية، أنها سترفع السن القانونية للزواج من 14 عامًا إلى 16 عامًا، لتصبح مماثلة لبقية الدول الأوروبية، وبهذا أصبحت إستونيا الدولة الوحيدة في أوروبا التي تشرع زواج البالغين 15 عاماً وتشترط أيضا موافقة الوالدين علما بأن السن القانونية للزواج في الأردن: الإناث 15 عاماً، الذكور 15 عاماً، مع اشتراط موافقة القاضي.
-3-
القانون المصري – مثلا- وهو أنموذج لمعظم القوانين العربية، رغم حظْره الآن لزواج من هم دون الـ18 باعتبارهم أطفالاً غير مؤهلين لهذا القرار إلا إنه يسمح بمحاكمة المميِّز منهم جنائياً والحُكم عليه بسجن الأحداث إذا ما ارتكب جريمة. أي إن هؤلاء (الأطفال) يُعامَلون كعقلاء متحملين للمسؤولية ومستحقين للعقاب إذا ما أخطأوا، لكنهم فجأةً يصيرون سفهاءً سُذّج إذا ما تزوجوا. والأطرف أن زنا من هم تحت 18 مع بعضهم لا يجرمه القانون المصري لكنه يجرم تزويجهم!
أبحاث المخ الحديثة أثبتت ما كان يعرفه الجميع مسبقاً، وهو أن المخ البشرى وبالتحديد الفص الجبهي الذي يميز الإنسان عن الحيوان يستمر في التطور حتى الثلاثينيات والأربعينيات، ولا يكتمل نموه عند معظم الناس قبل الـ25 أبداً، فلو كان المطلوب للزواج ولغيره من المعاملات الاجتماعية هو الأهلية الكاملة لوجب حظرها جميعاً قبل الـ40 منعاً لاستغلال الأطفال.
رابط المصدر http://iswy.co/ev5k5
-4-
لو كان الغربيون يكترثون بحقوق الإنسان عندنا حقاً لكنا رأينا لهم أثراً في القضايا الحقيقية كالاعتقال والتعذيب والتزوير التي كانت ولم تزل تمارسها الأنظمة القمعية التابعة لهم في بلادنا، لكنهم لا يتباكون إلا على المرأة وحقوق المرأة وقهر المرأة وزِي المرأة، غاضين الطرف عن الجرائم الفعلية لحلفائهم فظهرت نواياهم لكل ذي عينين. تماماً كما يتباكون على حقوق أطفالنا المهدرة أمام الكاميرات ثم يسلحون إسرائيل بما تنسفهم به! (المصدر نفسه)
الدستور 2017-09-22