كلب طوكيو وقلبها !!
يعرف العرب الكثير عن اليابانيين لكن ليس الى الحد الذي يعرفه اليابانيون عن العرب كما ورد في كتاب نوبواكي نوتوهارا، وما اود قوله في هذا السياق ليس انطباعا سياحيا او مشهدا نادرا، ولا علاقة له بالميكادو او الساموراي او حتى هيروشيما وناجازاكي، ولا شأن له بصناعة السيارات والادوات الكهربائية والاجهزة الدقيقة.
انه مجرد تمثال في ميدان تلتقي عنده شرايين طوكيو، ويعج بالمارة الذين لا يرتطم احدهم بالاخر، هذا التمثال لكلب اسمه هيتشاك، كان يقتنيه اكاديمي ياباني ويصحبه يوميا الى ذلك المكان، واعتاد الكلب ان ينتظر الاستاذ الساعة الخامسة مساء كل يوم، الى ان حدثت القصة او بمعنى ادق الدراما، حيث توفي الاستاذ اثناء القاء محاضرته في الجامعة ولم يذهب بطبيعة الحال في مساء ذلك اليوم الى حيث ينتظره صديقه الوفي، لكن الكلب واظب على تأدية الطقس اليومي، وجلس ينتظر صاحبه الى ان مات، لهذا قرر اليابانيون تخليد ذكرى الكلب هاتشوك لوفائه وحاولوا ان يبادلوه الوفاء الحيواني بوفاء بشري نبيل.
الحكاية بحد ذاتها قد تثير سخرية من توحشوا حتى اصبحت هوايتهم او هواية اطفالهم صب البنزين على القطط والكلاب الصغيرة ثم الاستمتاع بموائها وعوائها وبكائها وهي تحترق، وقد يعلق البعض قائلين هل هناك متسع للكتابة عن كلب بزمن يموت فيه الناس يوميا بالالاف ؟
ما لا نعرفه عن الحيوان اضعاف ما نعرفه عنه، لأننا نتصور انه موجود فقط لكي نمتطيه او نذبحه ونمتص نخاعه او ليجر عربات تقصم ظهره ونحن نتسلى بألمه.
والحقيقة ليست كذلك، لأن بامكان البعوضة ان تنشر وباء الكوليرا وتميت عشرات او مئات الالوف من البشر، وبامكان فأر ان ينشر وباء الطاعون!
الكلب الذي استحق تمثالا اكثر وفاء من كثير من البشر، خصوصا لصاحبه الذي تأخر عن موعده اليومي حين قرر الكلب ان يموت انتظارا . واذا كان الكلب وفيا فان الأوفى منه هم الذين شيدوا له ذلك التمثال الذي يضرب العشاق مواعيدهم في ظله، وما من زائر يمر بالجوار منه الا ويعود الى بلاده ولديه صورة مع ذلك الكلب الوفي !!
الدستور 2017-09-24