الدولار واليوان الصيني والعالم العربي
تعج الصحف الامريكية والمواقع الالكترونية بالمقالات والتحليلات عن مستقبل الدولار في ظل صعود اليوان. نقاش امتد الى العالم العربي، الكل يدلو بدلوه، وبحسب احد المحللين الامريكيين فالامر أن حقيقة الدولار متخلقة على ارض الواقع؛ فالدولار في تراجع واليوان يتقدم خصوصا بعد ان اعلنت الصين انها ستشتري النفط بعملتها المحلية اليوان.
الجميع يناقش مستقبل الدولار بل إن بعض المقالات تناقش خيارات رجال الاعمال والمستثمرين الامريكان للتعامل مع الصدمة المتوقعة، والناجمة عن تراجع مكانة الدولار؛ فالكاتبة وخبيرة التوظيف داندان تشو ناقشت العديد من الجوانب منها القوة الناعمة الامريكية وتأثيره ايضا على النشاط الاقتصادي وحركة رأس المال في امريكا.
في النهاية ان تراجع الدولار وصعود اليوان بات إحدى الحقائق الثابتة التي لم يعد بالامكان تجاهلها واصبح يدخل في حسابات الخبراء وشركات الاستشارات المالية والتوظيف في امريكا، ولم تعد مقتصرة على المحللين والخبراء الماليين والسياسيين؛ ليبقى السؤال حول مدى تأثير هذه المتغيرات المتوقعة والمقبلة على العالم العربي الغارق في صراعاته والمتعلق بحبال النفوذ الامريكي، فالى الان لم نسمع الكثير في هذا الشأن.
احد المعلقين الامريكان ناقش امرا طريفا قال إن الكثير من الاموال التي تتدفق الى الولايات المتحدة تستثمر في العقارات لغسل الاموال؛ اموال ناجمة عن الفساد وكل ما يتم هو عملية تنظيفها ونقلها خصوصا من قبل النخب الحاكمة في العالم الثالث؛ فالدولار يعد الملاذ الامن والعملة الانسب لنقل الاموال واعادة تشغيلها في امريكا، وفي حال تراجع الدولار واهتزاز مركزه فإن هؤلاء سيبيعون عقاراتهم وسيتسبب الامر بهلع كبير، فهؤلاء يريدون الاحتفاظ بثروتهم التي جمعوها بجهد كبير كلفهم صراعات سياسية ومغارات كبيرة في بلادهم؛ فالكاتب لا يرى في هذه الاموال استثمارات حقيقية يمكن التعويل عليها للحفاظ على الاقتصاد الامريكي ورسوخه وقوته.
النقاش بشكله القائم يطرح تساؤلات عملية حول مستقبل الاستثمارات العربية في امريكا، والتي تعد بمليارت الدولارات، فماذا سيكون مصيرها خصوصا اذا تراجع النمو الاقتصادي، وتراجع معه قيمة العملة الامريكية المستثمر بها والاصول المرتبطة بتلك الاستثمارت.
مسألة أخيرة: كيف ستتعامل الدول النفطية مع هذه الحقيقة؟ إحدى المقالات أشارت بوضوح إلى ان فنزويلا بدأت عمليا ببيع نفطها باليوان وليس بالدولار، وفي العالم العربي لا زالت شبكة العلاقات غاية في التعقيد وعملية فك الارتباط ستكون مؤلمة للعالم العربي، ورغم ذلك قدم بعض لمحللين في تقارير منشورة على مواقع عربية صورة متفائلة ترى ان هذه الدول قادرة على التكيف خصوصا ان تعاملاته التجارية والالية مع الصين آخذة في الاتساع دون ان يشير الخبراء الى حجم الاستثمارات الضخم للدول النفطية داخل الولايات المتحدة الامريكية وهي مصدر التهديد الحقيقي لأصولهم واستثمارتهم المالية بشكل كبير.
سلسلة النقاشات في امريكا انطلقت كاشفة عن مزيد من الحقائق؛ ففي امريكا يأخذون الامور على محمل الجد، نقاش يشارك فيه الجميع استعدادا للمرحلة المقبلة؛ ففي العالم العربي لا زالت الخطوات بطيئة، ويغلب عليها طبيعة الانكار المرتبطة بضعف المخيلة، وصعوبة الاستجابة لهذه المتغيرات القادمة الى الساحة الاقتصادية العالمية.
السبيل 2017-09-24