قصة صاروخ " خرمشهر " الأيراني
كشفت إيران الجمعة عن صاروخ باليستي جديد أطلقت عليه " خرمشهر " ويصل مداه إلى 1800 كيلو متر وبإمكانه حمل رؤوس حربية متنوعة وفق الإيرانيين .
وبهذا الكشف ، إن صح المدى والقدرة المشكوك فيها - تكون إيران قد ردت على ترامب عمليا بعد أن توعدها نظريا خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة .
ولا يملك من ينتمي لهذه الأمة بكل مكوناتها إلا أن يستذكر كيف أن إيران أجبرت على وقف الحرب مع العراق نهاية الثمانينيات من القرن الفائت ، بعد أن كانت الصواريخ العراقية تسقط على طهران كالمطر وفي أي وقت مما أجبر الخميني على " تجرع السم " الشهير عقب مماطلة استمرت ثماني سنوات .
ولأننا نتحدث عن تلك الحقبة ، فإنه لا بد من التذكير أو الإستذكار ، أن العراق وبغض النظر عن دكتاتورية حكامه آنذاك - كان يصنع وينتج ذاتيا صواريخ تصل إلى طهران ، ووصل تصنيعه العسكري إلى أن أطلق صاروخا فضائيا أطلق عليه " العابد " وبإمكانه حمل أقمار صناعية ، مما أثار حينها غضب مارغريت تاتشر وجورج بوش الأب ، فتوغلوا في اختلاق قصة " السلاح النووي و" المدفع العملاق " وما إلى ذلك من ترهات اخترعوها توطئة لتدمير بلاد الرافدين ، ومن ثم شنوا هجومهم على هذا البلد وأوقعوه في حصار استمر ثلاثة عشر عاما ، بالتواطؤ مع إيران التي هزمت في الحرب هزيمة نكراء لا زالت تتجرعها حتى الآن ، بدليل اسم هذا الصاروخ " خرمشهر " وما له من دلالات ، وبدليل المناسبة " الداخلية " التي جرى العرض العسكري الإيراني الأخير تحت زمنها وذكراها .
ولمن لا يعرف " خرمشهر " التي أطلقت على صاروخ إيران الأخير المسمى باسمها ، فإننا نذكر القراء الأفاضل بأن " خرمشهر " هي نفسها مدينة " المحمرة " الواقعة في الأحواز العربية المحتلة على الطرف الشرقي من شط العرب ، ولقد مرت هذه المدينة التي يسبق بناؤها التاريخ الميلادي ، بحقبات تاريخية ومحطات مهمة حيث تعاقب عليها ممالك عربية وغير عربية كثيرة إلى أن أطلق عليها خرمشهر وأصبحت في فترات من التاريخ عاصمة إقليم محتل من الإيرانيين يدعى "خوزستان" وهو نفسه إقليم " عربستان " الذي تحتل مدينة الأحواز العربية الآن عاصمته المعتمدة في جنوب غرب إيران .
ولمن لم يعايش أحداث الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات ، فإني أذكره بأن القوات العراقية سبق وحررت هذه المدينة العربية ولقيت تلك القوات ترحابا كبيرا من العرب الذين يقطنونها قبل أن يجري الإنسحاب فيقع على أهلها الظلم والتنكيل والقتل وغياب التنمية حتى يومنا هذا .
هذه باختصار قصة اسم صاروخ إيران " خرمشهر " .. فهو بالإضافة إلى أنه رسالة إلى ترامب عن أن إيران ستواصل تطوير صواريخها ، إلا أنه أيضا رسالة للعرب وللخليج بالذات ، تؤكد بأن احتلال إيران للأراضي العربية بما فيها جزر الإمارات الثلاث هو احتلال أبدي لا رجعة عنه .
وعود على بدء : فلو أن العرب طوروا انفسهم منذ السبعة والعشرين عاما التي نتحدث عنها ، والتي أجبرت فيها الصواريخ العراقية خميني على وقف الحرب لما كانت إيران تتبجح بصاروخ "المحمرة " الآن ، ولكان العرب لهم شأن آخر ، ولكن الفرق هو أن الأيرانيين تعلموا من الحرب، بينما لم يتعلم العرب منها شيئا .
إقرأوا التاريخ !.
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2017-09-24