الأردن وتركيا معاً في مواجهة "الراهن الإقليمي": محاولات حذرة للتقارب وخطوة أولى في حوار المصالح

تم نشره الثلاثاء 26 أيلول / سبتمبر 2017 12:21 مساءً
الأردن وتركيا معاً في مواجهة "الراهن الإقليمي": محاولات حذرة للتقارب وخطوة أولى في حوار المصالح
الاردن وتركيا

المدينة نيوز :- يبدو انعقاد ندوة خاصة بإرادة الطرفين لاستعراض آفاق العلاقات الثنائية بين الأردن وتركيا، فرصة نادرة الحدوث لتجنب التوقف مجددًا عند أي تجاذبات أو خلافات، مع السّعي إلى محاولة التأسيس لعلاقات فيها قدر منطقي وغير مجازف من الاستراتيجية تؤدي إلى تطوير لغة المصالح، وهذا ما يطمح إليه الأتراك على أقل تقدير.
فقد مهدت الزيارة التي قام بها إلى عمّان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي بتفاصيل مغرقة في «الود» جيّدًا لتنظيم جهد من هذا النوع خصوصًا بعد أن أظهر الجانب التركي حرصًا شديدًا على تفهم المواقف والمصالح الأردنية بعمق، فيما تكفلت عمّان بالإصغاء هذه المرة ومن دون الإغراق في الحساسيات ذات الطبيعة «الأمنية – السياسية». ولأسباب يمكن استنتاجها وجه العاهل الملك عبدالله الثاني الشهر الماضي دعوة خاصة للرئيس أردوغان لزيارة الأردن، في محاولة للتواصل والاستشعار، رسمت على بوصلة الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة أولاً.
والظروف الأصعب التي تمر بها ثانيًا العلاقات الأردنية مع دول الجوار العربي، من مستجدات لا يمكن تجاهلها في الملفين السوري والفلسطيني، و«تناغمات» من الصعب إنكارها في المجال الحيوي للملف العراقي، خصوصًا عندما تُظهر أنقرة حرصًا شديدًا على التصدي لآليات «التفريغ الديموغرافي» سواء في الموصل شمال العراق أو في عمق وجوار إدلب في الشمال السوري.
لافت جدًا أن الرئيس التركي قَبِل الدعوة الأردنية آنذاك بحماس، برغم سفر زوجته ورئيس الوزراء بن علي يلدرم خارج البلاد بزيارات رسمية مع نخبة عريضة من الوزراء، وجدول أعماله المزدحم، أبلغ أردوغان مستشاريه بأنه قرر «تلبية دعوة أخيه الملك عبدالله الثاني» وفقاً لما علمت به «القدس العربي».
حضر أردوغان بحماس إلى عمّان بما تيسر من المسؤولين الكبار في بلاده. واستقبل الأردن الزعيم التركي بكرم سياسي، لكن مع مساحة مرصودة من التوجّس، بصورة تقصّدت عمّان فيها أن تخفّض من الجانب الإعلامي والدعائي لزيارة من هذا النوع، على أمل ألا تزيد «جرعة الغضب» من استقبال الزعيم التركي عند بعض الأصدقاء العرب الحسّاسين في هذه المرحلة من تركيا بسبب تداعيات الأزمة القَطَرية.
أي إطلالة على المشهد التركي تفيد الأردن، عمليًا في تنويع خياراته الدبلوماسية ضمن السّياق التجاذبي الحاد والاستقطابي المتوتر في عمق أزمة الخليج الحالية، وقد تساهم هذه الإطلالة لاحقًا في التخفيف من حدة «الانقلاب الإسرائيلي» المباغت على الأردن، وفي أكثر من مسار وصعيد.. بهذه الطريقة قرأ الاستراتيجيون الأردنيون على الأقل هذه الزيارة قبل حصولها.
ليس سرًا في السّياق أن الجانب التركي حرص بشدة على إطلاق مساحات من التفاعل مع الأردن، كي تصبح الزيارة منتجة سياسيًا، حتى أن البيان المشترك تحدث باسم أردوغان عن دعم وإسناد تركيا للدور الأردني المهم في رعاية الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى.. تلك عبارة كانت مطلوبة جدًا لدوائر القرار الأردني وهي ترصد كيف يحاول بعض الأطراف الحليفة مباشرة مع الإسرائيليين من دون تشاور مع الأردن في ملف يفترض أنه حساس و»أردني نقي بامتياز».
عليه صادق الطاقم التركي تمامًا على صيغة البيان المشترك وبالعبارات ذاتها التي اختارها الطاقم الأردني المستضيف، وشكل ذلك إشارة أولى إلى أن أنقرة تبحث عن مخرج لتفاهمات ولو بالحد الأدنى مع الأردن، بدليل أن الرئيس أردوغان أعلن سعادته في زيارة الأردن تزامناً مع مرور 70 عامًا على العلاقات بين البلدين.
الأوساط المراقبة الخبيرة ترى أن تغييراً ما حصل على صعيد «الحوار التركي – الأردني» الذي كان سلبيًا طوال الوقت من جانب المحاذير الأردنية وغامضاً بالنسبة لعمّان، عندما يتعلق الأمر بالجانب الصديق، فتركيا كما قال الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد مومني مرات عدة لـ «القدس العربي» جار مهم وأساسي ودولة إسلامية كبيرة وصديقة تربطنا بها علاقات متينة.
لم تُعرف بعد الأسباب المباشرة لتبدّل اللهجة الأردنية تجاه تركيا، لكن يُعتقد أن أنقره عزفت بذكاء وحماس وثبات على وتر الرغبة في إزالة أي خلافات وتطوير مستويات الاتصال، فقد منحت الأردنيين ما يريدونه في الموقف السياسي، بخصوص ملف القدس والوصاية الأردنية عليه، وبخصوص التعاون مع الأوقاف التي تدير شؤون المسجد الأقصى، وأظهرت رغبة في البحث عن «مناطق مشتركة» قدر الامكان في الملف السوري وسط «جمود غير مبرر» عند الدبلوماسية الأردنية، إضافة للمرونة التي يطلبها التعاون الاستثماري بالتوازي.
المستجدات حصريًا على الملف السوري قد تكون أساسية في تطوير أو محاولة تطوير «التفاتة» جديدة للعلاقات الثنائية والمصالح المحتملة وعمّان التي سبق أن رفضت في الماضي أفكار حكومة تركيا السابقة كلها، عن «توحيد الجبهتين الشمالية والجنوبية»، تبدو محتاجة اليوم للنموذج التركي، ومن المفيد أن تنسق الآن في ظل المستجدات الإقليمية والدولية مع أنقرة للوصول إلى مقاربات تخدم مسارًا متوازيًا على الأقل للأولويات والمصالح.
ثمة بعدٌ آخر تطرقت له الكواليس التي تجاهلها الإعلام الرسمي الأردني، وهو المتعلق بحاجة تركيا لتضامن أردني غير لفظي مع مشروعها الحاسم ضد استفتاء كردستان، والحاجة بالمقابل لمشاورات في هذا الملف يمكن أن تسهم في توجيه «نصائح» لكردستان من جانب الأردن بسبب تاريخ قديم من العلاقات الأمنية والتجارية والسياسية بين عمّان وأربيل.
يُعتقد على نطاق داخلي أن رئيس الأركان الأردني الجنرال محمود فريحات بحث ما يمكن أن تقدمه عمّان في الملف الكردي على هامش زيارته الاستثنائية الأخيرة لأنقرة، بدعوة خاصة، تردّد أن محطتها كانت مهمة على أمل أن تسهم ندوة الـ 70 عاماً في التأسيس للمزيد من الإيجابية، وهذا حصريًا مضمونها المركزي.

المصدر : القدس العربي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات