ثقافة «المونة»
تأكيدات جلالة الملك ان القانون يجب ان يطبق على الجميع تعطي زخما للحكومة بأن تسير بخطى ثابته لدولة القانون الذي بات اختراقه نوعا من انواع التفاخر .
يحب البعض قطع الاشارة الضوئية حمراء ليرضي غريزته بحبه لمخالفة القانون، ويستمتع البعض بأنه «فلت» من دورية شرطة لم توقف سيارته لتسأله عن ترخيص سيارته المنتهية الترخيص.
يتفاخر البعض بقدرته على التهرب الضريبي باساليب «الفهلوة» ، فيما يتفاخر متنفذون بانهم اخترقوا دور الخدمة المدنية وعينوا ابناءهم بعقود ومكافآت في الشركات والمؤسسات شبه الحكومية.
قضية تجاوز القانون قضية ازلية، وشغف البعض بتجاوز القانون شغف ينم عن حالة العجز والضعف التي يعيشها البعض وصولا الى استكمال قدرته على فتح الابواب المغلقة .
ثقافة الواسطة والمحسوبية ثقافة متأصلة في مجتمعنا، فكثيرا ما يصادفك احدهم يبحث لابنه او لابنته عن واسطة للحصول على رخصة سواقة.
كلمة «بتمون» على فلان هي مقدمة لاختراق القانون، والا فان المعاملة عند المدير المعني باي مؤسسة او وزارة لا تحتاج الى «مونه» اذا كانت الاوراق سليمة والنوايا صادقة، بينما اختراق القانون هو الذي يحتاج الى مونه.
ومن المفارقات المضحكة المبكية هو ان يوصم المدير الملتزم بالقانون بأنه مدير ضعيف و»خويفه» وجبان، يعود جبنه الى عدم قدرته على اختراق القانون، وتبدأ الامثلة تتوالى على قدرة هذا المدير او الامين او الوزير على اختراق القانون دون ان يرف له جفن، وان يوصم بانه «رجل من ظهر رجل» لقدرته على اختراق القانون .
امام هذا الواقع تتأخر البلد ونعود الى نقطة الصفر، لنبحث من جديد في مؤتمرات وندوات وجلسات مطولة عن اسباب الخلل، والخلل في سلوكنا وفي فهمنا وفي طريقة تفكيرنا.
لا يمكن ان تتقدم الاردن دون سيادة القانون، ودون ان يحترم كل مواطن القانون، ودون ان يطبق القانون على الذات اولا ثم على الاخرين، هذه ثقافة تحتاج الى وقت طويل.
جلالة الملك وضع يده على الجرح، واكد مثلما يؤكد دوما على ان تقدم الوطن وازدهاره يتأتى من عنوان رئيسي وهو سيادة القانون.
الدستور 2017-10-12