ترامب بين هزيمة إيران وإحلال السلام في سوريا
بشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيانه الذي صدر مساء السبت بإحلال السلام في سوريا عقب اندحار تنظيم داعش الإرهابي من أهم معقل له هناك بعد الموصل .
بيان النصر الذي أصدره ترامب لمناسبة تحرير الرقة يذكر بتناقضات مواقفه في أكثر من قضية تناولها سواء عبر تغريدات أو تصريحات صادرة عن البيت الأبيض ، أو بيانات كالذي نحن بصدده .
فإذا كانت استراتيجية ترامب المعلنة في المنطقة ، والتي سينفذها كما وعد في خطابه الأخير قبل أيام تتمثل في محاربة الإرهاب والنفوذ الأيراني ، فإنه ما من أحد مقتنع بأن هذا سيحدث أو أن الولايات المتحدة قادرة على تحقيقه .
وإذا كان الروس حلفاء للإيرانيين رغم تضارب المصالح، فإن هدف ترامب في إحلال السلام كما جاء في بيانه ، داخل بلد تحتله روسيا وإيران ، سيبدو بعيد المنال ، لأن الإستراتيجية الأمريكية المعلنة هي هزيمة الإرهاب أولا ، والحد من نفوذ الإيرانيين ثانيا ، فكيف سيفعل الأمريكيون ذلك في ظل ما يحدث على الأرض من استحواذ إيراني لأغلب المناطق التي اندحر منها التنظيم ، سواء في العراق أم في سوريا .
لقد كشفت قضية كركوك هشاشة القوة والنفوذ الأمريكي في العراق ، وهو ما توقعناه في مقالنا السابق ، عندما تبنى خامنئي خطا مغايرا لخط واشنطن وأقنع بواسطة سليماني جناح الطالباني في قوات البشمركة بالإنسحاب من المدينة ليدخلها الحشد الشعبي الإيراني من أبوابها بدون مقاومة .
أليس لافتا أن كل منطقة يندحر فيها التنظيم الأرهابي تقوم إيران باحتلالها رغم أنف البنتاغون ؟ .
بيان ترامب ووعوده بإحلال الأمن والسلام في سوريا في ظل وجود النفوذ الإيراني القوي بات مجرد هرطقات ، وإذا شئتم فإن المشهد برمته تلخصه صورة تقول بأن عشرات الدول المنضوية في التحالف الدولي ضد داعش كانت طوال تلك الفترة تعمل في السماء وعلى الأرض لصالح الأيرانيين من دون أن تدري ، لأن الذي حصد نتائج كل هذه الإنتصارات على داعش في النهاية هم الروس والإيرانيون وليس شعوب المنطقة التي أراد البغدادي استعبادها .
كوميديا سوداء ، أليس كذلك ؟؟ .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2017-10-22