لماذا نجح هؤلاء في الغرب؟ ولماذا لن ينجح أبناؤكم في الأردن؟!
لن ينجح أبناؤكم في الانتخابات النيابية، لن يصبحوا نوابا. من حقهم ومن حقكم أنتم الآباء ان تترشحوا لكنهم ولكنكم لن تنجحوا. لقد عرفت على وجه التحديد، مرشحين انفقوا 300 ألف دينار ولم ينجحوا.
تحدثت في ندوة ثقافية سياسية في بيت الثقافة والفنون في 28 أيلول الماضي فذكرت ذلك فأعلن سيد من الحضور انه أنفق 200 ألف دينار في الانتخابات النيابية الأخيرة ولم ينجح.
إن البنية السياسية الأردنية المختلة الراهنة، لن تُمكِّن سوى الأثرياء وابنائهم من النجاح في الانتخابات لبروز ظاهرة سيطرة المال على ميكنيزمات الانتخابات الامر الذي يستدعي تعديل المادة 10 من قانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2016 التي تبين شروط الترشح ليضاف اليها شرط رئيسي هو ان يملك المرشح 500 ألف دينار فما فوق.
الوضع الحالي يعطيكم الحق في الانتخاب.
أمامنا حالات وشواهد وحقائق قاطعة حاسمة واضحة. حالة حليمة بنت يعقوب زوجة محمد عبد الله الحبشي، العربي الأصل ابنة سيدة تنتمي لأقلية الملايو ابنة حارس مسلم متحدّر من أصل هندي انتخبت رئيسة لجمهورية سنغافورة رابع اهم مركز مالي في العالم.
وحالة صادق خان المسلم الباكستاني ابن سائق الحافلة الذي انتخب عمدة لندن السكسونية الشقراء ذات العيون الزرقاء اعرق عواصم المسيحية في العالم اكبر مدن أوروبا وأهم مراكزها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وحالة باراك حسين أوباما الكيني الافريقي ابن المهاجر الأسود الذي انتخب رئيسا لاميركا محققا انتصارا ساحقا على جون ماكين خصمه ذي الأصل الاسكوتلاندي-الايرلندي سليل القادة العسكريين الكبار الملقب ببطل الحرب الامريكية الذي حوّلت هوليوود سيرته الذاتية الى فيلم.
وأمامنا حالة العالم احمد حسن زويل المسلم المصري ابن دمنهور الذي مكّنته اميركا من نيل جائزة نوبل في الكيمياء. وعن آلاف القيادات العربية والمسلمة التي تبوأت ارقى المواقع في العالم المتقدم، بقوة دفع من عاملين هما: الحزب وقواعد المواطنة.
صادق خان عمدة لندن كان مرشح حزب العمال البريطاني. باراك حسين أوباما الرئيس الأمريكي الرابع والأربعون كان مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي.
يعقوب زيادين البدوي الكركي المسيحي نجح نائبا عن القدس عاصمة الإسلام الثانية في انتخابات 1956 لانه كان مرشح الحزب الشيوعي والجبهة الوطنية.
وكما في انتخاب المسلم الباكستاني ابن سائق الحافلة صادق خان عمدة لمدينة لندن، كذلك في انتخاب سيدة مسلمة فقيرة رئيسة لجمهورية سنغافورة، وانتخاب ابن مهاجر افريقي مسلم رئيسا لاعظم امبراطورية في العالم كان الفضل للأحزاب العلمانية المدنية.
لا يمكن قهر حوت المال السياسي وتوفير فرص لكم ولابنائكم الا بالانتظام في الاحزاب الوطنية الجامعة التي تلغي فعل المال السياسي وتأثيره الماحق كما حصل مع مرشحي كتلة الإصلاح التي اجترحها الأستاذ زكي بني ارشيد وقادها الدكتور عبدالله العكايلة.
لدينا حالات متميزة منفردة لا يقاس عليها هي حالة الطفيلي المحامي يحيى السعود الذي نجح بذراعه وبخدماته، عدة دورات نائبا عن عمان.
هذه هي ثمار التنظيمات والأحزاب العلمانية وثمار الدولة المدنية العلمانية.
وسأشطح قليلا فأقول، لو هاجر باراك حسين أوباما إلى الأردن او الى الخليج او الى العراق وتزوج منها، لظل بحاجة الى كفيل. ولظل يدفع تصاريح العمل. ولظل أبناؤه يعانون من التهميش والاقصاء. ولظل يمسح السيارات ويقصقص الشجيرات ويسقي الوردات ويحضر اسطوانات الغاز وقوارير الحليب للسادة أهل السيادة سكان العمارة.
الدستور 2017-10-28