الحلفاء والأصدقاء والأنداد

تم نشره الإثنين 30 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 12:12 صباحاً
الحلفاء والأصدقاء والأنداد
د . باسم الطويسي

في لحظة ما على الدولة أن تبني الشراكات والصداقات والتحالفات أيضا على مسطرة الندية، والتخلي عن أنماط الشراكات المفتقدة للتوازن التي قد تجعل الطرف الذي يعتقد أنه الأضعف يدفع الثمن مضاعفا، فالأنداد هم الاقدر والاكثر كفاءة وحرصا في الحفاظ على هذه الانماط من العلاقات بين الدول؛ والندية هي القادرة على حماية المصالح، وهي في المحصلة جهاز عصبي يستشعر من خلاله اطراف المعادلة مصالحهم الحقيقية. 
في الوقت الذي يتغير فيه الاقليم بسرعة حولنا، يبدو أن رهان الأردن على انماط علاقات الرعاية يحتاج الى مراجعة جذرية، وليس مجرد شعار يردده الخطاب السياسي على طريقة (حان الوقت للاعتماد على الذات)، كلما ذهبت الحكومات الى تمرير بعض السياسات الاقتصادية التي لا تحظى بالشعبية، وهذا لا يعني الدعوة لاستبدال التحالفات والشراكات التقليدية بالضرورة، بل العمل على تغيير الاسس التي تقوم عليها هذه العلاقات والبحث عما يمكن ان نقدمه للآخرين وبأي ثمن وبأي مقابل. 
هذه الحركة الواسعة التي يشهدها الاقليم من حولنا، تصب في نهاية الامر في رسم خريطة جديدة للمصالح والتحالفات، وفيما مارست العديد من الدول استدارات متعددة فإن الكثير من الأطراف ما يزال في مرحلة جس النبض، فيما أطراف أخرى اعتادت أن تكون صدى للآخرين؛ فالجميع يأخذ بعين الاعتبار أربعة عوامل جديدة: الأول؛ التغير في ميزان القوى على الساحة السورية. والثاني؛ البرنامج الأميركي الجديد حيال الشرق الأوسط وإيران تحديدا. والثالث؛ ازدياد حجم فاتورة الصراع على الأطراف كافة. والرابع احتمال دخول المنطقة بأكملها في مرحلة إعادة تأهيل استراتيجي تشمل إعادة الإعمار ومبادرات اقتصادية كبرى.
هناك إدراك دولي أن العام الحالي كان استمرارا للأعوام الخمسة الماضية، وأنه قد حان الوقت للانتقال من سنوات الفوضى والاقتتال إلى احتواء الفوضى، حيث سادت نزعة العسكرة والتدخل واستخدام القوة المفرطة وصفقات التسلح غير المسبوقة، في الوقت الذي اخذت تنحسر فيه القوة العسكرية للتنظيمات المتطرفة، فيما تظهر انعكاسات انخفاض أسعار النفط بشكل غير مسبوق منذ عقود طويلة، ثمة صناديق سيادية عملاقة ما تزال ملكيتها تعود للمنطقة، وثمة حاجة ملحة لإسالتها، في المقابل يزداد إدراك القوى الكبرى بالحاجة إلى الخروج من سنوات التباطؤ في النمو الاقتصادي التي يشهدها العالم.
لا يوجد للأردن موارد سياسية واستراتيجية للقفز في واجهة الأحداث المتسارعة من حولنا، ولكن هذا لا يعني الجلوس في مقعد المتفرج في انتظار أن تأتي لنا الأحداث، أو الاكتفاء بردود الأفعال أو اجترار عواطف الآخرين، هناك مجموعة من المتغيرات التي تستدعي ضرورة الاستثمار السياسي فيما يحدث حولنا، والانتقال إلى دبلوماسية أكثر قدرة على المبادرة وصناعة الأحداث، وتحديدا الحاجة الماسة لتغيير خريطة الإدراك الرسمي للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية، أي القدرة على تقديم النفس كشريك حقيقي قادر على التأثير في الأحداث وفي مصالح الآخرين.
اليوم لا توجد دولة في العالم مهما أوتيت من قوة ومن موارد قادرة على الاعتماد الكامل على الذات، لذا تسعى الدول لبناء التحالفات والصداقات والشراكات القائمة على الندية؛ أي القادرة على تبادل المصالح والقادرة على الإيلام أيضا.

الغد 2017-10-30



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات