العرب .. والمسألة الكردية!
حتى لو أن «الإستفتاء» الكردي كان خطأ ولا ضرورة له في هذا الوقت وفي هذه الظروف التي يمر بها العراق وتمر بها المنطقة كلها فإنه لا بد من التعاطي مع ما بعده على أساس أنَّ إيران وراء مساعي ومحاولات «إسقاط» مسعود بارزاني كلها ليس من رئاسة إقليم كردستان وفقط وإنما أيضاً من موقعه كزعيم للشعب الكردستاني إن في بلاد الرافدين وإن في تركيا وإن في الدولة الإيرانية وباقي ما تبقى من دول هذه المنطقة التي فيها تواجد من هذا الشعب إنْ كثيراً وإنْ بأعداد متواضعة.
ولعل ما يجب أن يكون معروفاً أن إيران، التي يحاول الأميركيون ولم يقدروا حتى الآن إخراجها من الدول التي استطاعت أن تتمدد فيها عسكرياًّ وأمنيا وسياسيا.. وأيضاً استيطانيا، إنْ هي استطاعت شطب البارزاني كزعيم وكعائلة بقيت تقود نضال الشعب الكردي لسنوات طويلة فإن كردستان – العراقية بموقعها الإستراتيجي وبتضاريسها وعقدها الجبلية المطلة على دول الجوار القريبة والبعيدة كلها ستصبح قاعدة إيرانية تهدد هذه الدول وهذا يجب أن يعرفه «الأشقاء» الأتراك الذين من المعروف أنهم يعانون من مشكلة كردية وسيبقوا يعانون من هذه المشكلة التي من المؤكد أنها ستنفجر وكقنبلة مدمرة إن ليس في المدى المنظور ففي فترة لاحقة قد تكون قريبة.
ولهذا ورغم كل شيء ورغم الإعتراضات العربية على هذا «الإستفتاء» الآنف الذكر فإنه على العرب كلهم أن يدركوا وأن يضعوا في إعتبارهم أن «إزاحة» البارزاني وعائلته من هذا الموقع القيادي الذي تبوأته بالكفاح والتضحيات ونضال سنوات تجاوزت النصف قرن بكثير سيعني أن إيران ستبقى تتحكم بالعراق ربما للفترة نفسها التي تحكم فيها الصفويون به وأنَّ عباءة الولي الفقيه قد تصبح «مفرودة» على هذه المنطقة كلها وبخاصة شرقي البحر الأبيض المتوسط.. وأكْنافه.
ولذلك فإنه لا بد من التعامل مع هذه المسألة بكل جدية.. لا بل بكل مسؤولية ولا بُدَّ من أنْ يعيد العرب النظر بتعاملهم مع «المشكلة الكردية» كمشكلة قومية وعلى أساس أنه غير ممكن، وقد قطع القرن الجديد «الألفية الثالثة» الخمس الأول من سنواته، أنْ يبقى هذا الحرمان التاريخي للكرد كأمة مستمراً وعلى أساس إتفاقيات سايكس – بيكو المشؤومة حقاً التي دفعت الأمة العربية بسببها أثماناً غالية وحيث بالإضافة إلى كل هذا التمزق القومي تم زرع هذا الخنجر الصهيوني في فلسطين.. في قلب هذه الأمة التي لا بد من أن تنهض في يومٍ من الأيام وسواء أطال الزمان أم قصر.
لا يجوز بالنسبة لنا كعرب أن نبقى ننظر إلى إخوتنا وأشقائنا الكرد، الذين اختلطت دماؤنا بدمائهم إن بالتصاهر وإن في ميادين المعارك دفاعاً عن هذه المنطقة المقدسة فعلاً، على أنهم رقم زائد أو غير موجود ولا ضرورة له في المعادلة الشرق أوسطية التي كان وجود هذا الشعب الشقيق العظيم أساسياًّ ورئيسياًّ فيها إن في مرحلة الحروب الصليبية وإن قبل ذلك وبعد ذلك.
الراي 2017-11-02