عواصم العراق!!!
رغم انكشاف وافتضاح كل الذرائع الملفقة للحرب على العراق واحتلاله فإن الرهان هو على تقسيم العراق واعلان الطلاق بين التاريخ والجغرافيا بحيث علينا ان نصدق بأن دجلة والفرات يشتبكان ولا يلتقيان في شط العرب وان بغداد ليست عاصمة العراق من الالف الى القاف بل هي عاصمة اقليم من اقاليمه تبعا لتضاريس الطوائف، والمطلوب ان يكون للعراق عدة عواصم بدءا من اربيل وليس انتهاء بالبصرة، لكن ما حال دون ذلك وسيحول ايضا هو ان للعراق عواصم اخرى ليست مدنا بل هي موانع ومضادات تعصمه من التحول الى كسور عشرية طائفية وعرقية.
والان على الجميع ممن يعنيهم العراق كشجن قومي وتراجيديا انسانية ان يعيدوا قراءة ما حدث خلال خمسة عشر عاما بأثر رجعي، ليتأكدوا اولا ان الولايات المتحدة ادخلت الى معجم السياسة مصطلحات جديدة مثلما حذفت مصطلحات اخرى، ومن المحذوف ما كان يسمى في هذا العالم السيادة الوطنية اما المضاف فهو الشرعية المستدركة، اي تلفيق اسباب للحرب بعد ان تضع اوزارها، ولعل هذا هو ما دفع عالم اجتماع فرنسي الى القول بأن حرب الخليج لم تقع لأنها وقعت على طريقة اصطياد النورس للسمكة فهو يصطادها ثم يراها!
بغداد، الاسم الذي اشتق منه العرب فعل التبغدد بمعنى الرفاهية وسعة اليد لم يعِدها شوارتسكوف كما قال الى القرن التاسع عشر بمئة الف غارة، وهي عاصمة العراق الذي كان ذات يوم ارض السواد لا بمعنى الحداد بل لشدة خصبه واخضراره، لهذا هناك عواصم بمعنى موانع ومضادات قومية ووطنية وتاريخية وجغرافية تحول دون تحقيق الهدف من الاحتلال وهو تقسيم العراق الى خطوط طول وعرض طائفية وليس كما زعم القياصرة الانجلوساكسونيون الجدد من اجل الدمقرطة والتمدين!!
الدستور 2017-11-06