الصندوق حامي الفقراء!
حتى الأسبوع الماضي كنا نعتقد، بناء على تجارب ثلاثة عقود من التعاون، أن صندوق النقد الدولي ليس له قلب، وأن ما يهمه هو الاوضاع المالية لضمان بقاء الأردن قادراً على خدمة ديونه، وأن الفقراء آخر من يخطر بباله إلا على سبيل الخدمة الشفهية، فالأولوية لمصلحة الدول الدائنة.
بعـد أن كانت الحكومة الأردنية تعمل تحت ضغط الصندوق للتخلص من الدعم، سواء للخبز أو الماء أو الكهرباء، فإن الصندوق ينقلب الآن على نفسه ليوصي بعدم رفع الدعم عن الخبز ويتحدث عن أعباء الفقراء.
جهاد الأزعور، مدير دائرة الشرق الأوسط في الصندوق، يعرف أن خطة الأردن لرفع الدعم لن تمس مصلحة الفقراء الأردنيين بل على العكس من ذلك فإن الدعم النقدي سوف يزيد عن فرق سعر الخبز. وأن التوفير سيأتي من وقف الدعم عن غير الأردنيين، ووقف الإسراف واستعمال الخبز كعلف وتهريب الطحين إلى الدول المجاورة.
الجديد في الموضوع هو أن أكثر من مليون لاجئ سوري يستهلكون كميات كبيرة من الخبز المدعوم ولا يهم الازعور أن يكون ذلك على حساب الأردن، الذي يريد أن يقتصر الدعم على المستحقين من الأردنيين وحدهم، فالمهم هو استمرار دعم اللاجئين.
صندوق النقد الدولي كان وما زال يمثل مصالح الدول الدائنة، ولكن بطرق مختلفة هي الآن تثبيت اللاجئين السوريين في الأردن كي لا يتسربوا إلى أوروبا ويشكلوا عبئاً ثقافياً على شعوبها.
الحكومة الأردنية أعلنت قبل أيام عن برنامج مفصل لعملية رفع الدعم عن الخبز بما لا يلحق ضرراً بالفقراء ومتوسطي الدخل وعليها أن تسير قدماً في تطبيقه، وإلا فإنها ستكون متهمة بالرضوخ إلى قرارات الصندوق المتقلبة، والتنازل عن قرارها وسيادتها.
جهاد الأزعور هذا يجب أن يقابل بالمقاطعة التامة إذا جاء إلى الأردن، فلا يستقبله المسؤولون، ولا يلتقي به الصحفيون، ولا تنشر تصريحاته، خصوصا وأن معلوماته عن الأردن واقتصاده لا تزيد عن معلوماتنا عن خلفيته عندما كان مسؤولاً مغموراً في لبنان حيث تعلم أصول الإصلاح الاقتصادي!
الازعور يظن أن هذا النفاق من شانه أن يرفع شعبيته وشعبية الصندوق، خصوصا وأنه يحمل لافتات تقول: لا لرفع الدعم عن الخبز، لا نريد إجراءات تشكل عبئاً على كاهل الفقراء، لم يبق على الأزعور إلا أن يقود المظاهرات الشعبية وأن يرفض تعديل قانون ضريبة الدخل.
الراي 2017-11-13