المعتقلون الأردنيون بإسرائيل : أسرى وليسوا مجرمين
المدينة نيوز – قال مقرر اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية ميسرة ملص: ان الحكومة الأردنية الحالية لم تفعل شيئا حيال ملف الأسرى، بل انها قامت مؤخرا بتسليم مواطن أردني إلى إسرائيل بحجة انه مواطن فلسطيني، رغم انه مواطنها ويحمل جواز سفر فيه رقم وطني.
وأضاف ملص في حوار مع «البيان»: منذ توقيع معاهدة وادي عربة أضاعت الحكومات الأردنية سنوات عديدة على أربعة أسرى كان بإمكانها إخراجهم خلال توقيع المعاهدة، ولكنها لم تفعل وذلك لأنها لم تكن تعلم ان لديها أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، على حد قول احد الوزراء. وأضاف: ان الأهالي واللجنة خاضا نضالا كبيرا ليثبتا على الحكومة ان هؤلاء أسرى حرب وليسوا مجرمين جنائيين، كما وصفهم احد وزراء الداخلية وهو نذير رشيد.
قاعدة معلومات عن الأسرى
حدثنا في البداية عن هوية اللجنة.. متى تأسست ولماذا واطار عمل اللجنة..وما هي الأحزاب أو الشخصيات المؤسسة لها؟
تأسست هذه اللجنة في نهاية عام 2005 وهي مشكلة من قبل أحزاب المعارضة والنقابات المهنية وجمعت جميع اللجان والمؤسسات المهتمة بشأن الأسرى الأردنيين في المعتقلات الصهيونية، ومن بينها لجنة أهالي الأسرى والمفقودين الأردنيين في السجون الإسرائيلية التي سبقتها بتسع سنوات حيث أسسها أهالي الأسرى الأربعة الذين اعتقلوا في «إسرائيل» قبل توقيع اتفاقية وادي عربة المشؤومة والذين تحرروا لاحقاً، وهم: سلطان العجلوني، وأمين الصانع، وسالم وخالد أبو غليون، إضافة إلى عدد لا بأس به من الأسرى المحررين.
وكنا نهدف من تأسيس اللجنة لتوحيد الجهود الوطنية، فقد كان أهالي الأسرى يتحركون في الساحة لوحدهم، بمساعدة غير مؤسسية من قبل بعض مؤسسات المجتمع المدني.
وسبق لعدد من المؤسسات ان أظهرت عنايتها بهذا الملف سواء لجنة مقاومة التطبيع أو نقابة المهندسين وغيرها من المؤسسات. فأردنا ان نوحد الجهود ونقوم بدور مؤسسي فأشهرت اللجنة بعد ان انضم إليها أهالي الأسرى.
وأصدرت هذه اللجنة كتابين حتى الآن عن الأسرى وقامت بالمئات من النشاطات الخاصة بالأسرى والمفقودين، وكان لها جولات مع الحكومة.
وكان الأسرى في كثير من المراحل عنوان المعارضة الأردنية، حتى إن وزارة الداخلية في عهد سمير الحباشنة لدى إضراب العلاقة مع النقابات المهنية أزالت يافطة دأبت النقابات المهنية على تعليقها على بوابة مجمعها الرئيسي في عمان.
ومن بين أهدافنا إلقاء الضوء على حقوق الأسرى الأردنيين، وجعلهم رأيا عاما، ومساعدة أهالي الأسرى وإعادة دمج الأسرى المحررين، وإنشاء قاعدة معلومات حول الأسرى والمفقودين الأردنيين، ولدينا الآن قاعدة معلومات مهمة.
تباين المعلومات
دعنا نتوقف قليلا عند إشارتك إلى وجود قاعدة معلومات لدى اللجنة.. من الواضح التباين والاختلاف في المعلومات والأرقام بين هذه القاعدة وما تقدمه الحكومة الأردنية من معلومات حول الأسرى ومنها إعدادهم. ما تفسيرك لذلك؟
قمنا بمخاطبة الحكومة بما لدينا من معلومات حول الأسرى. دون ان نتمكن من توحيد هذه المعلومات. وأرى ان هناك العديد من الأسباب للتباين في هذه المعلومات منها ان الحكومة في موضوع المفقودين لا تصرح ولا تعلن وهو ملف مجهول لديها رغم أننا أعلنا ان عدد المفقودين 29 مفقودا. أما الأسرى فإنهم يعانون ـ ومن هنا يأتي التباين ـ من أن الحكومة لا تعتبر عددا منهم أردنيين. وتقوم بسحب جنسياتهم.
وهذا هو السبب في اختلاف العدد، بل سحبت الحكومة الجنسية من أبناء وزوجات الأسرى وليس الأسرى فقط. ولا تستند الحكومة إلى معايير دستورية أو قانونية لدى قيامها بهذا الإجراء.
الأهالي أعضاء أساسيون باللجنة
ما هي طبيعة علاقة اللجنة بأهالي الأسرى من جهة ومع الحكومة من جهة أخرى؟
من المعلوم ان أهم داعم رئيسي للأسرى هم الأهالي وهم أعضاء أساسيون في اللجنة، واللجنة عمليا كانت قد ورثت جميع النشاطات التي دأب الأهالي على القيام بها من عام 1998م إلى عام 2005م، ولدى تشكيل اللجنة انضوى الجميع فيها.
أما طبيعة علاقة اللجنة بالحكومات، يجب التفريق بين بعض الحكومات التي كانت في اصطدام مع اللجنة فيما ذهبت حكومات أخرى بعيدا في علاقاتها الايجابية معنا. ولكن بالمجمل معظم الحكومات قصرت في ملف الأسرى.
ولكن كان هناك علاقات ايجابية في فترة من الفترات، بل تم استقبالنا في وزارة الخارجية، وأجرينا مناقشات طويلة حول الأسرى، وفي حينه قدمت اللجنة للحكومة المعلومات التي لديها فيما قدمت الحكومة ما لديها من معلومات لنا، واستقبلنا التلفزيون الأردني.
تناقض مع الدستور
ولكن عادت العلاقات لتسوء حتى أعلنتم في الفترة الأخيرة مقاطعتكم للحكومة؟
نعم، قامت الحكومة الحالية بتسليم سامر البرق وهو مواطن أردني يحمل الرقم الوطني إلى الكيان الصهيوني، وادعت أنها وضعته على الحدود مع فلسطين على اعتبار انه فلسطيني وهو ليس كذلك، وأنها سلمته إلى السلطة الوطنية الفلسطينية. ثم عادت عن قولها هذا.
وقد استهجنا هذا الفعل من قبل الحكومة، فبدلاً من أن تسعى هذه الحكومة للإفراج عن الأسرى الأردنيين من السجون الصهيونية، تقوم بتسليمهم وزيادة عددهم، وبذلك ارتفع عددهم بتسليم البرق إلى 28 أسيراً، ما يشكل سابقة خطيرة في تاريخ البلاد، ويتناقض مع الدستور الأردني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي بخصوص الحقوق المدنية والسياسية
مقاطعة الحكومة
ولكن الحكومة قالت إنها سلمته إلى السلطة الفلسطينية.
هذه مزاعم الحكومة وهو أمر يستعصي على التصديق، فالسلطة ليس لها أي نفوذ سيادي على المعابر بين الأردن وفلسطين، وإضافة إلى ذلك فإن البرق الآن يقبع في المعتقلات الصهيونية، ما يدحض المزاعم الحكومية.
من أجل ذلك قررنا مقاطعة الحكومة، ففي العادة كنا نقوم بمخاطبة الحكومة والتواصل مع مسؤوليها بشأن قضية الأسرى، وسبق أن استلمنا ردوداً من الحكومة السابقة - كما قلت - وعقدنا اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الخارجية، أما الآن فقد قررت اللجنة الامتناع عن مخاطبة حكومة سمير الرفاعي أو عقد أي لقاء مع مسؤوليها، فأي نتائج يمكن أن نحرزها بعلاقتنا مع حكومة سلمت مواطنها إلى الكيان الصهيوني، ففرق أن نقول إن بعض الحكومات كانت مقصرة في ملف الأسرى وأن تقوم هذه الحكومة بتسليم مواطن إلى الكيان الصهيوني، وزيادة عدد الأسرى الذي كنا نجهد لتقليص إعدادهم.
وهذه الحكومة تحديدا ولها ما يزيد على العشرة أشهر، لم تقدم أي شيء للأسرى أو ذويهم ففي نهايات عمر الحكومة السابقة تعهدت وزارة الخارجية آنذاك بتأمين زيارة الأهالي إلى أبنائهم الأسرى، ولكن جاءت حكومة سمير الرفاعي فلم تتقدم ولو بخطوة واحدة تجاه هذا الملف، وعندما خرقت مبدأ عام لم تقم به أي من دول العالم واعتبر سابقة، قررنا مقاطعتها.
مؤسسات المجتمع المدني نائمة
رغم كل الجهود التي قمتم بها لم يتحول ملف الأسرى والمفقودين إلى ملف ضاغط على الحكومة؟
باستثناء النقابات لم تتبن أي من مؤسسات المجتمع المدني بجدية ملف الأسرى، وكان تناولها لهذا الملف ؟ إن وجد ؟ استثنائيا وليس في سياق فاعل ومستمر وحقيقي، وباستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي لم تقم أي من الأحزاب الأخرى بما يجب القيام به في هذا الملف، واستمرت على حالها مقصرة كما الحكومات.
ففي قضية مثل ملف الأسير «سامر البرق» وفي مجتمعات قوية ستسقط حكومات، ولكنها في الأردن مرت علينا مرور الكرام، من دون أن يعلق احد على ذلك. كما تناولتها الصحافة وكأنها خبر عادي، لا يستحق حتى المتابعة.
مخاطبة المنظمات الدولية
ما هي طبيعة علاقتكم بالمنظمات الدولية الحقوقية؟
هناك منظمات دولية ومحلية لحقوق الإنسان تتواصل معها اللجنة لمحاولة تحسين ظروف الأسرى الأردنيين في المعتقلات الصهيونية، فالأمل بالإفراج عن هؤلاء الأسرى غير معقود على الحكومات، وإنما على قوى المقاومة فحركة حماس وعدتنا بالإفراج عن معظم الأسرى الأردنيين، خاصة ذوي الأحكام المرتفعة، في صفقة التبادل مع العدو الصهيوني.
ودأبت اللجنة على مخاطبة العفو الدولية أو منظمة الصليب الأحمر أو هيومن ووتش في قضايا تتعلق بالأسرى، وهناك زيارات متبادلة.
الصليب الأحمر تضيع بين الحكومات
هل تعتقد أن اتفاقية وادي عربة كانت مفيدة للأسرى؟
منذ توقيع معاهدة وادي عربة بدأت المنظمة تقول لنا إن قوانينها لا تسمح بالعمل بين الدول التي ترتبط بينها علاقات دبلوماسية، وهذا ما وقع بين الأردن وكيان العدو في اتفاقية وادي عربة.
وكما جرت العادة فإن منظمة الصليب الأحمر تصبح رابطا بين طرفين متعاديين، وهذا ما أربكنا.
ففي بداية الأمر كنا نطالب بأن ترتب المنظمة لذوي الأسرى زيارات لأبنائهم، فترد علينا أنها لا تستطيع ذلك كون هناك حكومة أردنية تستطيع مخاطبة الحكومة الإسرائيلية وترتيب زيارات للمواطنين الأردنيين إلى أبنائهم المعتقلين.
وأرغب هنا في الإشارة إلى أن الزيارة التي تم ترتيبها من قبل الصليب الأحمر سابقا لذوي الأسرى كانت كريمة وشاملة وشافية، وشعر الأهالي بالارتياح. بينما كانت الزيارات التي رتبتها الخارجية الأردنية منقوصة وغير مكتملة وعانى فيها الأسرى وذووهم.
ويقوم الصليب ببعض المهام الأخرى بنقل الرسائل ونقل بعض الأمتعة البسيطة من الأهالي للأسرى. ومؤخرا كنا راسلناه من اجل محامية الأسرى الأردنيين شيرين العيساوي التي جرى هي نفسها اعتقالها، ووعدت المنظمة بمتابعة هذا الملف، وبالفعل زاروها واطمأنوا على وضعها.
وادي عربة تضيع حق الأسرى
واتفاقية وادي عربة أضاعت سنوات عديدة على الكثير من الأسرى الذين كان بإمكانهم الخروج خلال توقيع المعاهدة، ولكنها لم تفعل وذلك لقول الحكومة الأردنية آنذاك إنها لم تكن تعلم في حينه أن لديها أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي. والأسرى الأربعة الذين اعتقلوا قبل معاهدة وادي عربة استمروا معتقلين منذ العام 1994 وحتى عام 2008 معتقلين ثم جيء بهم إلى الأردن واعتقلوا هناك عاما قبل أن يتم الإفراج عنهم وكان بالإمكان أن يطلق سراحهم مع توقيع معاهدة وادي عربة وفق الاتفاقيات الدولية، وبسهولة.
كما كان بالإمكان إطلاق سراحهم إبان إلقاء حرس خالد مشعل القبض في عمان على الجاسوسين الإسرائيليين اللذين كانا يريدان اغتياله، وفي هذه المرة أيضاً لم يتم الإفراج عن الأسرى الأربعة ولا الكشف عن المفقودين الأردنيين الذين كما قلت يصل عددهم إلى 29 مفقودا، لا تعلم الحكومة الأردنية عنهم شيئا.
بل إن احد وزراء الداخلية السابقين وهو نذير رشيد صرح في (شاهد على العصر) انه ليس لدينا أسرى وان هؤلاء جنائيين ومجرمين، ثم اعترفت الحكومة بوجود الأسرى.
وفي البداية خضنا نضالا كبيرا لنثبت على الحكومة أن هؤلاء أسرى حرب وليسوا مجرمين جنائيين.
تخبط حكومي
من هو سامر البرق.. لم تكن تعلم به الصحافة سابقا؟
هو مواطن أردني عمل لفترة في باكستان وهناك اعتقل، ونقل إلى أفغانستان، وبعد ذلك جرى نقله إلى الأردن، واعتقل فيها دون حتى عرض على المدعي العام، أو المحاكمة وعندما اشتكى أهله لنا تقدمنا بشكوى للحكومة والمركز الوطني لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومن ووتش، وبعد ذلك جرى الإفراج عنه، وبقي لسنوات حتى قامت الحكومة بتسليمه إلى إسرائيل.
وسامر البرق يحمل الماجستير في التحاليل الطبية، وبعد الإفراج عنه عمل لسنوات في المستشفيات الأردنية، إلى أن اعتقل مجددا لمدة ثلاثة أشهر تقريبا ثم يلقى به على الجسر لتتلقفه المخابرات الإسرائيلية.
وعندما اعترض ذووه على ذلك أعلنت الحكومة أنها سلمته إلى السلطة الفلسطينية، ولكن عندما واجهناها بأنه موجود الآن في معتقل عوفر الإسرائيلي وأن محاميه زاره تراجعت الحكومة وقالت إننا وضعناه على الجسر وذهب وحده.. يعني من الواضح أن المنطق لا يستقيم في هذا الادعاء، وهو منطق غير متماسك.
عمان- لقمان اسكندر ( البيان ) .
ميسرة ملص