أسوأ المواقف!!

تم نشره الأحد 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 12:49 صباحاً
أسوأ المواقف!!
صالح القلاب

منذ البدايات، أي منذ إنفجار الأزمة السورية في آذار (مارس) 2011، سرعان ما تحول الصراع في هذا البلد العربي إلى إستقطابات إقليمية ودولية نظراً لمسارعة نظام بشار الأسد إلى الإستنجاد بإيران ومن يدور في فلكها من ميليشيات مذهبية من بينها حزب الله اللبناني ولاحقاً الإستنجاد بروسيا التي تحولت إلى دولة محتلة لها قواعد عسكرية برية وبحرية وهذا أدى بالطبع إلى تمحورات وإنحيازات مضادة ودَفَعَ المعارضة بدورها إلى إستنجاد كل فصيل منها بمعسكره وهكذا فقد تحولت الأمور مع الوقت إلى ما يشبه «طبيخ الشحادين» كما يقال.

هناك تمحْوُران أحدهما تقوده روسيا وتتحكم فيه بقبضة حديدية والآخر تقوده الولايات المتحدة ولكن بإرتباك عززه إنتقال القرارات المتعلقة بهذه المسألة من إدارة إلى إدارة أخرى، أي من الإدارة الديموقراطية إلى الإدارة الجمهورية، ومن إرتباك إلى مزيد من الإرتباك وهذا بالطبع قد إنعكس على الوضع العربي الذي بدأ محاولاته «التوسطية» بالجنرال السوداني محمد الدابي الذي عاد من حيث جاء بدون أن يعرف حتى كيف سيبدأ وكيف سينتهي وهنا فإن ما أثبت أن الأزمة السورية قد تحولت بسرعة إلى إستقطابات دولية أن مصير محاولة الدبلوماسي الجزائري المقتدر فعلاً الأخضر الإبراهيمي لم يكن أفضل من مصير المحاولة العربية التي سبقتها وأن هذا الصراع بات ينطبق عليه ذلك المثل القائل :»فالجْ لا تعالجْ»!!.

ولذلك ونظراً لأهمية سوريا، عربياًّ وإقليمياًّ ودولياًّ، فإن ما هو أكثر من الحماقة السياسية أن بشار الأسد، بدل إستيعاب «لعبة» أطفال درعا وإنهاء ما قاموا به كأب يتعامل مع أبنائه، قد ذهب بعيداً وعلى أساس أن والده قد ترك له تجربة «حماة» الدامية وأن وصيته لأبنائه :»إن هذا الشعب لا يفهم إلا القوة وأن الحفاظ على الأنظمة لا يمكن أن يكون إلا بالقبضة الحديدية وتحطيم الرؤوس الحامية وبالزنازين والسجون والمعتقلات!!.

ثم ولأن هذا هو ما حصل عندما تظاهر أطفال درعا تأثراً ببدايات «الربيع العربي» فقد إستقطبت الأزمة السورية كل «تضادات» الإصطفافات العربية والإقليمية والدولية وأصبح وبسرعة البرق غير ممكن أن يكون هناك محايد، إنْ على صعيد الدول وإن على صعيد التكتلات الحزبية والسياسية وأيضا وإن على صعيد الناس العاديين، فإمّا هنا وإما هناك ولذلك فقد أصبح الحياد مكلفاً وأصبح النأي بالنفس مستحيلاً وغير ممكن على الإطلاق.

وهكذا فإنه لم يكن بإمكان الأردن بحكم موقعه الجغرافي وبحكم أنه لا يمكن أن يكون ملحقاً بهذا التحالف الذي تقوده إيران والذي إتخذ طابع الإستقطاب الإقليمي والدولي والذي وضع «بلدنا» أمام خيار :»إما أنت معي وإلا فأنت ضدي» فقد كان عليه أن يكون مع الشعب السوري منذ البدايات وقد كان عليه أن يكون مع أشقائه ومع أصدقائه .. فالحياد مستحيل عندما تكون الإستقطابات على هذا النحو والنأي بالنفس سيجعله لا مع هؤلاء بخير ولا مع أولئك أيضا .. وهذا في حقيقة الأمر هو أسوأ المواقف السياسية على الإطلاق!!.

إن قدر بلدنا، المملكة الأردنية الهاشمية، هو أن يكون في هذا الموقع الذي هو فيه الآن وأن يكون في قلب الوطن العربي وكان المفترض، لولا وعد بلفور وسايكس – بيكو والمؤامرة الدولية، التي ترتبت على ما بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية، أن تكون فلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق دولة واحدة.. لكنَّ ولأن ما كل ما تتمنى الشعوب والأمم تدركه فقد كان علينا ومنذ البدايات أن نعرف كيف نعيش وكيف نتعايش كدولة مع هذه المنطقة التي بقيت تتعرض لزلازل سياسية متلاحقة على مدى قرن بأكمله.. من بينها كل هذا الذي يحصل حالياًّ في الشمال والشرق والغرب وحقيقة أن هذا حتَّم وهو يحتم علينا ألا نكون محايدين حتى لو أردنا ذلك وحتى لو حاولنا فموقف اللاموقف بالإضافة إلى أنه غير ممكن فإنه مكلف جداًّ وصاحبه سيكون خاسراً لأنه مهما حاول أن يكون «مُوارِباً» فإن كل طرف من الطرفين المتناحرين سيعتبر أنه ضده.

الراي 2017-11-26



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات