صلّى الله عليه وسلّم…
لو كان لنا أن نستعيد لحظة ميلاد محمد، ونتأمّل حال الدنيا الآن، لعرفنا أنّها تكاد تتطابق من حيث ضياع الحال العربيّ، ورحلة البحث عن مُخلّص يوحّد الناس الذين يتوزّعون بين عائلات وقبائل ودويلات، وضياع.
تلك كانت الحالة، حين ولدت آمنة بنت وهب ابنها محمداً، اليتيم الابن لوالده عبدالله، وسرعان ما ماتت وعمره لا يزيد على الستّ من السنوات: الفُرس والروم كانوا يتقاسموننا بأريحية، أمّا قبائلنا فتتناحر على بيت شِعر، أو بيت شَعر، والدمُ يسيل أنهاراً لسبب ناقة اختلفت مع جَمل في ليلة ظلماء.
محمد رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، وُلد في مثل هذا اليوم، وكان قبله تاريخ طويل ذُكر في كتاب الله وسنّة النبيّ، ولكنّه صَنع تاريخاً لم يكن مثله من قبله، ولا من بعده، وإلى آخر الدهر، فمحمد الحبيب هو آخر الأنبياء، وأحبّ خلق الله على الخالق.
كعبة الصحراء، التي كانت لقبائل صارت مع محمد محجّ المليارات من بشر أجناس العالم، وفكرته جابت أنحاء الدنيا، وغيّرت معالم الأرض، وحين قدّم الرسول كلماته للبشرية: “إنّكم لن تملكوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم”، كان ينصح البشرية بأهمّ ما تمتلك، وهي الأخلاق، ويبقى أنّ محمداً هو آخر الأنبياء فلن نبحث عن نبيّ بعده لأنّه لن يكون، ولكنّنا سنظلّ نبحث عن فكرته التي ما زالت تبحث عن أهلها… والحمد لله أنّنا من أهلّ آخر الأنبياء: محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
السبيل 2017-11-30