ماذا استفدتم أو أفدتم من الإرهاب؟
مناجذ جمع خُلْد من غير نطقه، مثل نساء جمع امرأة، والخلد (الخلند في العامية) كما في المنجد في اللغة العربية المعاصرة (2013): "حيوان جاس وحيد الجنس والنوع ، رأسه غليظ، وعيناه متخفيتان تحت الجلد. ويقال له أيضاً الفأرة العمياء".
هذا الحيوان أول ما خطر على بالي عندما رأيت وجوه الإرهابيين المعتقلين في برشلونة المشاركين في تدبير عملية الدهس المدّمرة للناس الأبرياء/المصادفين في وسط المدينة المنتمين لأربع وعشرين دولة. قلت لنفسي: إنهم مجرد مناجذ أو حيوانات غليظة الرؤوس، مفرّغة من القيم الإنسانية، أو فئران عمياء لا تفْرِق معها أياً كانت النتائج. ثم تأكدت أنهم أحط على السلم الحيواني منها بعدما أقدموا على قتل مئات المصلين والأطفال وإصابة أكثر من مئة آخرين في مسجد الروضة في العريش.
إن الذي أفسد عقولهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم في برشلونة هو الإمام هناك بتحريضه الدائم لهم على المضيفين "الكفار" أو بحديثه المغوي عن الجنة والنار والحوريات اللواتي ينتظرنهم على الباب، لقد حوّلهم إلى حيوانات متوحشة. ومضيت في الحديث مع نفسي فقلت: أولئك الفتيان أبرياء في الأصل تبناهم الإسبان وبقية أوروبا، وأمنوهم من خوف، وأطعموهم من جوع ، ووفروا لهم السكن والتعليم والعمل والحياة الكاملة الأوصاف، ولكنهم بتسييس الدين وإشعاله في رؤوسهم خانوها وانقبلوا عليها، فكيف يَقبل بلد أو شعب في العالم بعد هذا، الثقة بمسلم وبالذات بعربي (لأن بقية العالم لا يفرق بينهما)؟ لم تستطع كل تلك المزايا والفرص التي لا يحصلون على مثلها في بلدانهم الأصلية تكوين مناعة عندهم ضد الإرهاب، أو ولاء أو انتماء صادق لمضيفهم في أوطانهم الجديدة، ربما لأن ذلك الإمام وأشكاله من الجرذان يضفون القداسة على الإرهاب، ويفخّمون عائداته الأخروية، فتبدو الحياة الدنيا للإرهابيين مجرد محطة عبور مؤقتة إليها بالعملية التي تودي بهم.
إنهم نتيجة لغسل الدماغ هذا الذي يمارسه أئمة ودعاة ومفكرون إرهابيون يجعلون تلاميذهم/ ضحاياهم لا يعضّون اليد التي تطعمهم بل يكسرونها ويقتلون أصحابها، أو يلحقون بهم عاهات دائمة تشير إليهم.
إنهم يدمّرون شعوبهم وبلدانهم في أفغانستان والعراق وسورية ومصر وليبيا، ويحرّفون المقاومة ضد الاحتلال وأعوانه عن أهدافها، ويحولونها إلى إرهاب عالمي أعمى، وكأنهم يستدعون العالم ويوحّدونه لتصفيتهم جسدياً وإسلاموياً. وها هو يفعل فيقتلهم كالكلاب الضالة أو يستسلمون كالأرانب حتى إلى ألد أعدائهم وهو حزب الله. فهل من يسألهم مستنكراً: ماذا استفدتم أو استفاد منكم الإسلام أيها الأوغاد؟ أو ماذا قدمتم للإسلام والمسلمين بإرهابكم؟ وكأنهم يجيبون فيقولون: الفائدة الأولى كانت تدمير البشر والشجر والحجر والأثر. أما الفائدة الثانية فهي تحريض العالم أو استعداؤه على الإسلام والمسلمين وبخاصة العرب وقضية فلسطين. فما من أحد بعد ذلك يثق بهم، أو يأمنهم أو يؤويهم أو يحترمهم أو يتذكر فلسطين. وبذلك يضيق العالم عليهم ويغلق في وجوههم في الهجرة، واللجوء، والتعليم، والعمل، والإقامة، والزيارة والسياحة.. ليثبتوا أن العالم ضد الإسلام. أما الفائدة الثالثة فاسترجاع عصر العبيد والمماليك والسبايا والإماء والجواري. أما النتيجة التي تغرب عن بالهم فهي تصفية هذه القمامة جسدياً وفكرياً وإلقاؤها في مزبلة التاريخ.
إذا لم تكن هذه هي الفوائد والنتيجة فليتفضل من غسلوا أدمغتهم ومؤيدوهم الظاهرون والمقنعون وليذكروا لنا فوائد أخرى ونتيجة غير هذه، أم أنهم يعتبرون تدمير الموصل وحلب وبقية مدن وقرى العراق وسورية وليبيا، واستعادة عصر العبيد والمماليك والسبايا والإماء والجواري نعمة إلهية كبرى، وليس فتح المجال للقوى الأربع الطامعة والمحيطة بالعرب وهي إيران وكردستان وتركيا وإسرائيل، لتقرير مصيرهم على مدى العقود أو القرون القادمة.
الغد 2017-12-01