كم عيداً فاتك؟
-1-
كم هو ممتع نور الشمس، ومبهر أيضًا، وكم هي مفرحة تلك اللحظات حينما نغرق في الظلام؛ لعطل ما في الكهرباء .. ثم يعود النور فجأة! في تلك اللحظات التي يلفنا فيها العتم، نرى ما لا يمكن رؤيته في الضوء، نرى أحبة طغى على صورهم ضجيج الوضوح، ونستحضر أرواحًا غادرتنا منذ أزمنة سحيقة، ونرى أنفسنا عارية بلا مساحيق ولا أقنعة، نرى ببصيرتنا ما لا يدركه البصر، وحين يعود الضوء ننسى كل تجلياتنا الروحية ونعود للاشتباك مع القشور!.
العمى الحقيقي هو عمى القلب والبصيرة، لا عمى النظر!
2-
الهروب من الواقع لواقع أكثر سوءا، نوع من الانتحار، حينما تحاصرنا الغيوم السوداء، والمعازف التي تذكرنا بلحن الرجوع الأخير، في احتفالية أشبه ما تكون بمأتم، ننأى بأنفسنا إلى حلم مؤجل، قد يطول، ولكنه ملاذ مشتهى، لا تصنعه الأمنيات، بل التضحيات ورفض المظالم ومقاومتها، ورعاية بذرة التمرد، التي لا تمتثل للقهر والجبروت!.
-3-
كثيرا ما تشعر أن أيامك مجرد أحلام قيد الانتظار، وأمنيات محتبسة حراريًا في ذاكرة مسيجة بأسلاك شائكة، وكبت متفجر ينداح تعبيرات بلهاء على صفحات الفيسبوك والمدونات السرية، وتغريدات مكتومة على تويتر، وتنهيدات متقطعة لا تكاد تُسمع، وقهر يتناثر شظايا في أحداث عنف أسري أو مجتمعي، أو حتى مع الذات، منذ وقت ليس بالقليل، قررت أن لا أنتظر، فالانتظار نوع من الموت، والحياة مع وقف التنفيذ، مما قرأت عن الانتظار وألهمني كثيرًا: ..انتظرتك كثيرًا كطفل يغالب النوم بانتظار ليلة العيد.. إلا أن النعاس قد أخذني مرغما إلى عالم الأحلام أفيق من نومي وأجد أنَّ المطر قد نزل وفاتني الحضور. .. وسيطر علي الحزن كمن فاته سماع صوت تكبيرات العيد ليحس أنَّ العيد كله قد فاته....!!»
-4-
ما بالنا يا جارتا، نبكي بلا دمع، ونحرق دمعنا، من قبل أن يهْمي على خد الزمنْ؟ يا جارتا، من قال أنا لا نُحب صبابة الأعياد، ولدنة الحياة، تسكعًا مستلقيًا فوق الرمال، تمردًا ضد المحنْ؟ من قال أنا لا نشف أمام معشوقاتنا، ونحب أنْ.. أنْ نحتسي حتى الثمالة كأسنا، ونوزع القبلات، والضحكات؟ لكننا يا جارتا، لم نستفق من سكرة الأحزان.. إلا كي نعود إلى الكفن! يا جارتا.. لا شيء ينقصنا لنكمل فرحنا.. إلا .. وطنْ!
خارج النص
من أجمل ما قرأت:
المبدعون يستخدمون الأكاذيب، لقول الحقيقة، أما الساسة، فهم يستخدمون الحقائق، لقول الأكاذيب!.
الدستور 2017-12-01