ما هي الحقيقة؟!
ربما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يسمع بالمثل العربي الذي يقول:»إجا يكحلها عور عينها» فهو في غمرة الحديث عن حلٍّ لأزمة الشرق الأوسط، «القضية الفلسطينية»، بات يفكر جدياًّ كما صدر عن بعض مسؤولي البيت الأبيض وتم نفيه ثم تأكيده لاحقاً، بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة وبدون أي إيضاح أو تحديد ما إذا كان المقصود هو القدس الشرقية التي أحتلت مع إحتلال الضفة الغربية في عام 1967 أم القدس الغربية التي أحتلت في عام 1948.. فما هي الحقيقة وما هو الصحيح؟!.
والمفترض إذا كان لا بد من هذه الخطوة الإستفزازية أن يأتي هذا القرار في إطار مشروع حلٍّ يتم الإعتراف فيه بدولة فلسطينية مستقلة على كل ما أحتل من أراضٍ في عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية وإلا فإن هذا الذي صدر عن بعض مسؤولي البيت الأبيض ونفي ثم جرى تأكيده وجاء فيه أن الرئيس الأميركي «يفكر جدياًّ» في نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، سيؤزم الأوضاع في هذه المنطقة أكثر كثيراً مما هي عليه الآن من تأزّم وأنه سيضع الكثير من الأسلحة في أيدي التنظيمات الإرهابية التي من بينها «داعش» و»القاعدة».. وأيضاً حزب الله اللبناني أو الإيراني لا فرق.
إنه جنون ما بعده جنون أن يذهب الرئيس الأميركي إلى خطوة إستفزازية وتوترية كهذه الخطوة بينما الشرق الأوسط كله يغرق في مستنقع إرهابي كهذا المستنقع الذي يغرق فيه.. ويقيناً أنه إنْ لم يوضح ترمب ما الذي يريده مما صدر عن البيت الأبيض وإذا لم يكن هذا في إطار حلٍّ شامل يعطي للفلسطينيين «عمليا» حقهم في إقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية فإن المصالح الأميركية ستكون أهدافاً للتنظيمات الإرهابية التي من المعروف أنها تريد مبرراً كهذا المبرر.
ولعل ما تجب الإشارة إليه في هذا المجال أنَّ هناك بعض التقارير التي تسربت في الأيام الأخيرة وتحدثت عن أن دونالد ترمب بصدد كشف النقاب عن خطة سلام للشرق الأوسط في مطلع العام المقبل، أي بعد نحو شهر من الآن، وإنَّ ما يؤكد هذه المعلومات الصحافية أنه تم كشف النقاب عن زيارات سرية بهذا الخصوص قام بها جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات ودينا باول الشهر الماضي إلى المملكة العربية السعودية وذلك في حين أنه تم الإعلان عن أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بصدد القيام بزيارة قريبة تشمل القدس (المحتلة) ورام الله والقاهرة والمفترض وعمان أيضا.
وهذا يعني أنه قد تكون هناك جهودٌ فعلية لـ «تحريك» عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مما قد يعزز الإعتقاد بأن ما تسرب عن البيت الأبيض بشأن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة قد يكون في هذا الإطار ولتشجيع بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يوصفون بأنهم «حمائم»!! للضغط على بنيامين نتنياهو وطاقمه الأكثر رعونة منه لحمله على الإستجابة لهذه المحاولة السلمية الجديدة..وهكذا وفي كل الأحوال ألا ينطبق ما قيل عن وعد بلفور :»أعطى من لا يملك إلى من لا يستحق» على هذا الذي يتردد حتى الآن ولم يؤكد بعد على لسان ترمب؟!.
الراي 2017-12-03