عن اليمن وفلسطين والقدس واوسلو

تم نشره الأحد 03rd كانون الأوّل / ديسمبر 2017 12:57 صباحاً
عن اليمن وفلسطين والقدس واوسلو
د.فطين البداد

 

1

فلسطين والقدس

يترقب الفلسطينيون والعرب والعالم هذه الأيام  ، بعضهم بأعصاب باردة وآخرون ،بحرارة  ، خطوة أمريكية قد تعلن خلال أيام  وستكون الأكثر جرأة في تاريخ القضية الفلسطينية ،  عندما ينفذ ترامب وعده للإسرائيليين بنقل سفارة واشنطن إلى القدس عملا بقانون أقره الكونجرس في العام 1995 ورفض الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون إنفاذه  .

وسربت مصادر أمريكية أن ترامب ، قد يعدل عن قرار نقل السفارة مقابل إعلانه لفظيا  القدس عاصمة لإسرائيل  و إرجاء النقل لمدة ستة أشهر نتيجة ضغوط من الخارجية الأمريكية التي تخالف ترامب الرأي  ودوائر القرار الأمني الأمريكي الذي يعي أبعاد ذلك من مختلف وجوهه .

 و أيا كانت خيارات ترامب ، سواء هذه أو غيرها ، فإن النتيجة واحدة ، وهي أن الولايات المتحدة تبارك للإسرائيليين عاصمتهم " الأبدية "، وتتعامل معهم ومع العالمين العربي والإسلامي  وفق ذلك ، وهذا يتبدى جليا في سياسات واشنطن تجاه المنطقة عموما وخضوع أهم عاصمة عالمية لمغامرات رجل أعمال لا يكاد يسمع -  لا نقول يرى - من السياسة الدولية سوى هسهسة الدولارات  .

الخطورة لا تكمن  في هذه الخطوة بحد ذاتها بل بما    تستتبعه من خطوات سياسية فهمت رسالتها من هكذا عنوان بغيض  ، لأن قرارا كهذا ، بالإعلان عنه أو التعامل معه كأمر واقع ، يعني أن القدس لم يعد بالإمكان أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية بعيدة المنال، ويعني - ضمن ما يعني - أن أمل الفلسطينيين في دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية  هو كأمل إبليس في الجنة .

  فإذا كانت السياسة الإسرائيلية والأمريكية   ترفضان بالمطلق الحديث عن مثل هكذا دولة ، فما بالكم بالحل النهائي الذي تتزعمه القدس ، وما بالكم بـ 150 مستوطنة صهيونية بالإضافة إلى أكثر من 120 بؤرة استيطانية تمهيدية ، وهذه الكيانات التي أقيمت على أغلبية أرض الضفة لم يعد بالإمكان لا إزالتها ولا حتى مجرد مبادلتها ولأسباب لها علاقة بالأمن " الإسرائيلي " والجغرافيا والديمغرافيا المصطنعة ،والأمر الواقع ، ناهيك عن وجود جدار يخترق القرى والمدن والبيوت ، مما يعني بأن أي "دويلة " فلسطينية مستقبلية ستكون مقطعة الأوصال وغير متصلة ومزدحمة بالأسلاك الشائكة والبوابات الألكترونية و" الزنانات " ناهيك عن الدبابات والألغام و " العملاء "   ، بحيث سينتهي الأمر بالفلسطينيين  وكأنهم  جميعا في زنزانة انفرادية مكبرة ، والأهم بالنسبة لترامب ويمينه المتطرف أن سكانها " عر ب " ومن هنا أعلن نتنياهو مؤخرا : أن  المنطقة ليست بحاجة إلى دولة إضافية في الشرق الأوسط " في معرض تعليقه عما يجري في دول الربيع العربي " .

وإذا  كان لا  بد من التشخيص أكثر  ، فإن الذين أوصلوا القضية الفلسطينية إلى هذا الدرك   من عدم الأولوية والإهتمام حتى إعلاميا ، هم الرسميون الفلسطينيون أنفسهم ، فها  هم أرباب أوسلو الذين حولوا  الشعب الفلسطيني من شعب ثائر مكافح نابض بالحياة إلى شعب ينتظر التعيينات والرواتب والمنح الدراسية من خلال التوصيات والواسطات  والمحسوبيات : ها هم حائرون منسيون بلا أهمية دولية ،  حيث فرزت أوسلو التي يقوم على تفيذها سلطة فتح الفلسطينيين بين خانتين :  خانة الأسياد ، وهؤلاء هم المحظيون المنتفعون النفعيون وأبناؤهم وأقاربهم ، وخانة  العبيد الذين يعيشون على الهامش وفي غياهب النسيان ، وهؤلاء هم أغلبية الشعب الفلسطيني الصابر  .

 إن إعلان ترامب المرتقب ،بمختلف خياراته التي ذكرناها ، سواء أشهره الأربعاء القادم أم عدل عن رأيه للأسباب التي ذكرناها  أو بسبب متاعبه  مع المحققين الذين جلبوا " فلين "  ليشهد ضده -   يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن اتفاق أوسلو كان  اتفاق " فضيحة "  لأن نصوصه التي وقعت عليها السلطة لا تتضمن أي كلمة عن أحقية الفلسطينيين بالقدس  ، ولذلك ، فليس هناك ما  يمنع ترامب من إعلانها  عاصمة أبدية للكيان  ، بل   لا يوجد في نصوص الإتفاقية  لا قضية اللاجئين ولا المياه ولا المستوطنات ولا الحدود ، بحيث كتبت بصيغة  تخدم الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية في إنهاء  القضيةالفلسطينية ودفنها مع شعبها الذي يصل تعداده إلى   12 مليونا وفق آخر الإحصائيات " المفترضة "  ، ومن يقول بغير ذلك ممن ووقعوا أو  كانوا يدافعون عن هذه الإتفاقية فإن عليه أن ينظر إلى المرآة  ليرى وجهه الأسود بعد حوالي ربع قرن  من الخيبة  والحصاد المر ، اللهم خلا   تكرش البطون والجيوب وتكريس البشم والبطر لفئة محدودة تسيطر على القرار الفلسطيني في رام الله وفي غزة بدون انتخابات لا داخلية ولا خارجية منذ سنوات .

  قلنا في أكثر من مقال  : إنه لا أمل البتة في دولة فلسطينية ولأسباب كثيرة ، تضاف  عليها كل يوم أسباب أخرى أنتجتها  قضايا المنطقة وباتت أكثر إلحاحا ، وإذا كان هدف أعداء الأمة دفع  فلسطينيي  الشتات للذوبان حيث هم ،  فإن على الفلسطينيين في الداخل  ان يتهيأوا للطرد لتصبح حدود إسرائيل من النهر إلى البحر  ، فالسادة في عرف الكاوبوي ومصاصي الدماء من شذاذ الآفاق  يجلسون دائما في صدر المنزل  ، أما الضغفاء البؤساء فإن مكانهم إلى جانب الأحذية .

هذا هو السيناريو المرتقب إذا لم يرعو الفلسطينيون والعرب بمسلميهم ومسيحييهم ويفهموا ما يطبخ لهم جميعا بليل شديد العتمة ، والبرد ، والقتامة  .

 سلطة أوسلو الآن في ورطة ، وهي بلا أمل البتة ، إلا الحضن الأمريكي بعد أن أحرقت كل سفنها ،   وفلسطين اليوم  تشبه غرناطة ،وشتان بين طارق بن زياد وأبو عبد الله الصغير  . 

 2 

اليمن : السؤال الذي يستحي خامنئي من طرحه ( أرشيف)

في ظل ما يجري في اليمن الآن ، ولأننا لن نجازف في أي قراءة سياسية ، بسبب تطورات الأحداث ساعة بساعة ، ورغم أن خامنئي خسر الهيبة ، وحرسه الثوري يتجرع السم النقيع  ، ولأن   حزب الله الذي يشرف على الميليشات في صعدة وغيرها يجرجر أذيال الخيبة ، فإننا نكتفي بإعادة نشر مقال عن اليمن نشرناه في هذا الموقع بتاريخ 31 مايو 2015 ، وتاليا نصه :  

 يدرك اليمنيون ، أن النداء الذي وجهه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للحوثيين ، للإنخراط في الحوار الوطني ، وسحب قواتهم من صنعاء والمدن اليمنية ، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ، والبدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، لم يكن سوى صرخة في بئر ، ذلك أن هؤلاء اتخذوا قرارهم في الإنفصال المذهبي والمناطقي وتفتيت اليمن بقرار من إيران .

إيران التي أججت الفتنة في أكثر من عاصمة عربية ، وأعلن مسؤولوها أن صنعاء سقطت تحت هيمنتهم كعاصمة عربية رابعة بعد بيروت ودمشق وبغداد ، وجدت في التفجيرات الأولى لمساجد صنعاء قبل التدخل العربي فرصة مهمة للنفخ في بوق الطائفية دمويا هذه المرة ، بعد تسريب معلومات كشفها الرئيس اليمني فحواها أن الحوثيين تعهدوا للإيرانيين بقلب المذهب الزيدي إلى أثني عشري .

لقد كشفت " عاصفة الحزم " التي ردت على الإيرانيين وأذنابهم في صعدة وعلي عبد الله صالح بما يجب أن يكون عليه الرد ، هشاشة إيران وضعفها ، وكمثال بسيط على ذلك : ها هي سفينة المساعدات التي قال قادة الحرس الثوري إنها لن تخضع للتفتيش ، ها هي تفتش في جيبوتي قبل السماح لها بالمرور .

 ولقد أضحكني تعليق مسؤولين إيرانيين تساءلوا عن هذه الطائرات العربية التي تقصف الحوثيين بينما لا تقصف إسرائيل وتحلق فوق غزة ، ، ليرد السؤال على هؤلاء بسؤال مقابل : أين طائرات إيران وصواريخها عندما كانت غزة تذبح على مدى خمسين يوما ، بينما حزب الله ، عميل إيران الأبرز يقف على الحدود ولم يطلق أي رصاصة ؟ ، بل إن السؤال الأكبر هو : أين وقفت إيران ضد إسرائيل ، وفي أي المواطن ؟ .

تظل الأعين مصوبة على اليمن ، وماذا سيكون عليه موقف الحوثيين وحلفائهم من تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 الذي صدر في الرابع عشر من نيسان الماضي ، ,وأبرز ما فيه شرعية الرئيس هادي وانسحاب الحوثيين من صنعاء والمدن والمواقع التي احتلوها وإعادة الأسلحة التي سرقوها من مستودعات الجيش بتسهيل من علي عبد الله صالح .

لقد منح التحالف الحوثيين وحلفاءهم فرصة ذهبية لم يحسنوا التقاطها ، عندما دُعوا إلى مؤتمر الرياض ، وعندما أعلن عن توقف "عاصفة الحزم " لصالح " إعادة الأمل " .

والذي يتابع إعلام الحوثيين وإعلام صالح يدرك الغباء السياسي الذي يحكم هؤلاء وأنصارهم ، وكيف أن هذه الميليشيا العقائدية لا ترى أبعد من أنوف قادتها وأنوف من صنعها في " قم " ، وبالتالي يدرك حجم " البلاء " الذي ابتلي به الشعب اليمني ، عندما انسلخت عصابة قليلة من المذهب الزيدي الذي يعتبر الأقرب لأهل السنة ، إلى المذهب " الأثني عشري " بنسخته الإيرانية ، والهادف إلى تصدير الثورة وتشييع العالم السني .

 ولأن الحوثيين تعلموا من مدرسة حزب الله ، فإنهم هللوا وكبروا لما قاله حسن نصر الله الذي تساءل في تصريحاته الأخيرة عن أي هدف حققته عاصفة الحزم ، زاعما بأنها لم تحقق أي هدف ، متناسيا بأن الأسئلة يجب أن توجه لأوليائه في طهران وله شخصيا قبل أن توجه لعبد الملك الحوثي .

إن السؤال ليس : ماذا حققت عاصفة الحزم من أهداف ، بل هل استطاعت إيران تكريس الإنقلاب وابتلاع الدولة ؟ .

هذا هو السؤال الذي يستحي خامنئي من طرحه .

د. فطين البداد

 جي بي سي نيوز

31 مايو 2015م  

اتبع هذا الرابط

 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات