ديموقراطية بالزبيب !!

تم نشره الثلاثاء 05 كانون الأوّل / ديسمبر 2017 01:29 صباحاً
ديموقراطية بالزبيب !!
خيري منصور

هل يمكن لأعرابي عاش قبل الف عام ان يخبرنا من اين تعلم الديموقراطية؟ تماما كما قال البير كامو انه لم يكن بانتظار ماركس كي يعلّمه الاشتراكية، فقد تعلمها من استاذ كبير طاعن في التاريخ اسمه الفقر!

ذلك الاعرابي طلب منه ذات غزو ان يوزع السبايا بالتساوي، فأعطى اجملهن لسيده، ثم اخذ يوزع البقية بين الفرسان، عندئذ تلقى صفعة من قبضة يتوسطها خاتم فضي كبير على فمه، فاختلط اللعاب بالدم واعاد القسمة قائلا: ان هذه الصبية السبية لسيدي في الصباح، وتلك له في الضحى والثالثة له في الظهيرة والرابعة بعد غروب الشمس الى ان وصل الهزيع الاخير من الليل.

عندئذ ضحك سيده وربت على كتفه وقال له طوبى لمن علّمك هذا العدل، فأجاب الاعرابي بصوت متهدج يقطر منه الدم: طوبى لكفك يا سيدي فهي التي علّمتني العدل!

وحين تحدث فلاسفة ومصلحون ومؤرخون عن الديموقراطية منهم من قال انها كلمة لا تقبل الترجمة من اللغة اليونانية، فهي سادت وبادت قبل اكثر من الفين وخمسمائة عام، ومنهم من قال انها كالزواج شر لا بد منه، ومنهم من ذهب الى ما هو أبعد فقال هل اتساوى وعبدي بحيث يكون لكل منا صوت واحد فقط ؟

لكن ما لم يتحدث عنه حتى جحا في ذروة حكاياته ومفارقاته ولم يقله كتّاب مسرح اللامعقول امثال بيكيت ويونسكو هو الديموقراطية المحشوة بالزبيب، وهي نوع من المعجّنات الرخوة التي يشكّلها الطهاة كيفما ارادوا، فمنهم من يحولها الى أرنب او سلحفاة او عصفور، وذلك تبعا لأمزجة الزبائن واعمارهم، والاطفال العرب الذين يسمعون كلمة ديموقراطية على مدار اللحظة وليس الساعة فقط من الفضائيات والهتافات والصالونات قد يظنون انها بالفعل نوع ثمين من المعجنات، بحيث تكون هناك ديموقراطية بالتمر واخرى بالجوز وثالثة بالزبيب.

لم يبق الا ان نسمع من الباعة المتجولين هتافات عن الديموقراطيات الموزعة على عرباتهم، بحيث يكون منها البارد المثلج صيفا والساخن شتاء والفاتر ربيعا .

قد ينسى من يفضلون ديموقراطية الزبيب على ديموقراطية التمر او القُطّين، ان هذه الثمرة استغرقت كي تنضج منذ كانت برعما في اثينا الاف الاعوام، وانها نتاج عوامل بالغة التعقيد والتداخل بدءا من انماط الانتاج حتى انماط التربويات والثقافات، وقد لا يعرفون ان اثمن المعادن وهو الماس كان فحما تعذّب وتقلب في باطن الارض ملايين الاعوام.

شكرا لذلك الاعرابي الذي سبقنا بألف عام وقال لنا من اين تعلم العدل!!

الدستور 2017-12-05



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات