تصويت إسرائيلي ضد الأردن ايضاً
من الواضح تماما ان الصفعة المدوية التي تلقتها اسرائيل على وجهها في الجمعية العامة للامم المتحدة، بشأن عدم الاعتراف بأي تغيرات تجرى في القدس، تركت اثرا حادا على تل ابيب، وهو اثر يبدد كل ابتهاج تل ابيب بقرار الرئيس الاميركي.
اذا تابعنا كل التصرفات الاسرائيلية بعد قرار الجمعية العامة للامم المتحدة، وقمنا بتحليلها نكتشف ان هناك حالة من ردة الفعل الهستيرية المبطنة؛ لان خطورة القرار في الامم المتحدة، لاتكمن في قوته الالزامية لدول العالم، لان القرار اساسا غير ملزم لاحد، بل لان القرار يقول فعليا ان لا اصدقاء لاسرائيل مهما تورطنا نحن في الظن ان العالم كله ضدنا، وهو امر سبق ان اكتشفناه في اليونسكو وقراراتها، والتي قالت ايضا، ان لا اصدقاء لاسرائيل، مثلما كان يوحى لنا، ومثلما كنا نظن.
هذا يعني ان تكثيف العمل سياسيا واعلاميا ودعائيا ضد اسرائيل امر مهم، فلايجوز ان نستسلم امام الدعاية الصهيونية التي تقول ان اسرائيل تحكم العالم، واننا سنهزم مهما حاولنا.
الان هناك ملف جديد، يتوجب عدم السكوت عنه، وتحريك ردود الفعل على كل المستويات، للقول لهذا العالم، ان هذه هي اسرائيل، وافعالها، وحين يدعو حزب الليكود الى اجتماع للتصويت على ضم الضفة الغربية والقدس الى اسرائيل يوم الاحد المقبل، فأن هذا المشروع يعني فعليا تقويض السلطة الوطنية الفلسطينية، ويعني فعليا انهاء مشروع الدولة الفلسطينية، والتسوية السياسية.
هذا المشروع الذي يريد عبره نتنياهو اثارة اعصاب الفلسطينيين والعرب وكل الذين يصطفون مع الفلسطينيين، اذا تم ارساله فعليا الى الكنيست وتم التصويت عليه، له اثار خطيرة جدا، على كل مؤسسات السلطة الوطنية، وعلى الارض المتبقية في الضفة الغربية، اضافة الى دلالته على كل مشروع الدولة الفلسطينية وعلاقة ذلك بملفات الحل النهائي، وقضية اللاجئين، وتأثير ذلك على كل جوار فلسطين، بما في ذلك الاردن وسوريا ولبنان ومصر.
تأثير هذا التصويت يمتد الى الاردن، بشكل او آخر، ويهدد الاردن مباشرة، على مستويات كثيرة، ويثير التساؤلات اساسا حول وجود حل نهائي، وباي صيغة، ومن الممكن هنا، اذا تم اعتماد التصويت على شكل قانون في الكنيست ان نسأل لاحقا عن كلفة هذا القانون على الاردن لاعتبارات كثيرة، وهذا بحد ذاته بحاجة الى معالجة موسعة ولاحقة، من حيث الاحتمالات والسيناريوهات.
لقد قيل منذ البداية، ان اتفاقية اوسلو، مجرد خدعة صهيونية، للحصول على الاعتراف باسرائيل، ومنح ثلاثة ارباع فلسطين التاريخية للاسرائيليين، وهذه هي خطيئة اوسلو، ولجمع كل التنظيمات والمقاتلين من دول العالم، ووضعهم تحت عين اسرائيل، واعادة انتاج الدور الامني، مثلما نرى اليوم، ولاخذ راحة من اجل مواصلة المشروع الاسرائيلي، نفسه، لكن تحت عنوان السلام، بدلا من الحرب.
هذا مايجري اليوم، الضفة الغربية مقطعة الاوصال، اسرائيل تبني المستوطنات، القدس يتم تهويدها، وفي نهاية المطاف يخرج علينا مسؤول فلسطيني، ليقول ان مشروع الليكود بالتصويت لضم الضفة الغربية والقدس الى اسرائيل، يقوض حل الدولتين، مع اننا نعرف ان حل الدولتين انتهى اساسا منذ سنوات طويلة، وقد باتت القضية اليوم وفقا للمعيار الاسرائيلي، قضية السكان، ولمن يتبعون وكيف تتم ادارتهم، وليس الكينونة الوطنية الفلسطينية؟!.
من الواضح ان رئيس الحكومة الاسرائيلية مستثار الاعصاب بعد الصفعة التي تلقاها على وجه سياساته، فهي صفعة تقول ان اغلب العالم، ليس مع اسرائيل، كليا او جزئيا، وانهيار الدعاية الاسرائيلية في هذا الاطار تحديدا، يفرض اليوم، اعادة ترتيب اولويات العرب والمسلمين، عبر حلفاء كثر في هذا العالم، من اجل المزيد من العقاب للاسرائيليين، ومافعلوه على مدى عقود في فلسطين.
سواء صوت الليكود او لم يصوت، وسواء ذهبوا الى الكنيست او لم يذهبوا، فأن الواقع لايختلف كثيرا عن مضمون هذا التصويت، لان اسرائيل تريد كل الضفة الغربية بأعتبارها « يهودا والسامرة» مثلما تريد القدس لاعتبارات كثيرة، وكل الاجراءات على الارض تعني ضما فعليا لاسرائيل؛ لكن دون اعلان مباشر، وعبر ادوات بديلة.
كل تواطئ او سكوت هذه الايام، سيكون مكلفا جدا، مثلما كان التواطئ والسكوت على مدى عقود، مكلفا جدا، ولابد ان يقال ان شعارات «العقلنة» التي تبناها بعض العرب على مدى عقود، ثبت انها مجرد اوهام.
الدستور 2017-12-27