الزحف إلى رأس السنة!

تم نشره الأربعاء 03rd كانون الثّاني / يناير 2018 12:33 صباحاً
الزحف إلى رأس السنة!
حلمي الأسمر

1-
ليلة رأس السنة كنت عائدا إلى البيت قبيل حلول العام الجديد بساعة، وهالني منظر «زحف» السيارات إلى غرب عمان، فيما كان رجال الأمن العام منشغلين بتحويلات السير للسيطرة على أزمة هذا الزحف، والاختناقات المرورية التي تسببت بها هذه «المناسبة»، وكم أشفقت على هؤلاء الرجال الذين تركوا بيوتهم في ذلك البرد القارس جدا، لحراسة وتنظيم «زحف» المحتفلين بـرأس السنة!
عدت إلى البيت وأنا اشعر بكثير من الاكتئاب، وبدأت بقراءة بعض ما يريح القلب، ويبعث السلوى في النفس المتعبة..
-2-
انتهى عام وبدأ عام آخر، وكثيرون لا يهتمون لا برأس السنة ولا بذيلها، حتى أنهم لا يعدون الأيام، عملا بأحكام المثل السائر «الشهر اللي ما إلك فيه لا تعد أيامه». هذا ليس تشاؤما بقدر ما هو توصيف لحال قائم ، فأمة على هامش التاريخ ، لا يعنيها غير مطاردة رغيف الخبز، أو سرقة هذا الرغيف من بيوت آخرين، لا يعنيها أمر السنين والأيام ، مضت أو أقبلت،.
ولكن، ما تعني الأيام لأمة حية؟.
يُحكى أن رجلاً كان يحاسب نفسه ، فحسب يوماً سني عمره ، فوجدها ستين سنة. فحسب أيامها ، فوجدها واحداً وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم. فصرخ صرخة ، وخرّ مغشياً عليه. فلما أفاق قال: يا ويلتاه ، أنا آتي ربي بواحد وعشرين ألفا وخمسمائة ذنب؟، يقول هذا لو كان يقترف ذنباً واحداً في كل يوم ، فكيف بذنوب كثيرة لا تحصى؟.
ثم قال: آه عليّ ، عمرت دنياي ، وخربت أخراي ، وعصيت مولاي ، ثم لا أشتهي النقلة من العمران إلى الخراب ، جاء في الحديث الشريف: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك،.
يقول حكيم التابعين الحسن البصري رحمه الله: (ما مرّ يوم على ابن آدم إلا قال له: ابن آدم ، إني يوم جديد ، وعلى عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك ، فقدّم ما شئت تجده بين يديك، وأخّر ما شئت فلن يعود أبداُ إليك). وقال رحمه الله «يا ابن آدم إنما أنت أيام ، كلما ذهب يومّ ذهب بعضك» وقال: الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه وأما غداً فلعلّك لا تدركه وأما اليوم فلك فاعمل فيه،.
وقال أحد الحكماء: أمس أجل، واليوم عمل، وغداً أمل. فلا يلهينك الأمل عن العمل، وقال آخر: يا ابن آدم.. تُؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن ، وينقص عمرك وأنت لا تحزن وتطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك ، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لولا ثلاث ما أحببت العيش يوماً واحداً: الظمأ لله بالهواجر ، والسجود لله في جوف الليل ، ومجالسة أقوام ينتقون أطياب الكلام كما يُنتقى أطياب الثمر).
كان السلف الصالح يسمون الصلوات الخمس بميزان اليوم، ويسمون الجمعة ميزان الأسبوع، ويسمون رمضان ميزان العام، ويسمون الحج ميزان العمر، حرصا على أن يسلم لأحدهم يومه اولا، فإذا مضى اليوم كان همه في سلامة الاسبوع، ومن ثم في سلامة العام، ثم في سلامة العمر!

الدستور 2018-01-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات