المحارمة والزيناتي و«سفر برلك والصدمة والترويع»!
لا يمكنّني أن أصدق براءة توقيت الصدمة القاسية برفع الاسعار على كلّ ما يتعلق بحياة المواطن الأردني، حتّى افقاره، وتوقيف الزميلين عمر المحارمة وشادي الزيناتي لأنّهما كانا قد نشرا خبراً عن تهرّب وزير المالية من الضريبة، حين تقاضى تعويضه من بنك الاسكان البالغ أكثر من مليون دينار… نعم الرقم صحيح!
وصحيح أنّه تبيّن أنّ الخبر غير صحيح، وكان يمكن الاكتفاء بتوضيح واعتذار كما يجري عادة في الديمقراطيات؛ باعتبار أنّ المعنيّ شخصية عامة وعليه أن يتقبّل ويسامح حين المقدرة، ولكنّ الاصرار من الوزير وبالتالي الحكومة على المضيّ قُدماً في القضية، يعني أنّها تُريد إكمال المعادلة، حيث الصدمة والترويع.
نظرية “الصدمة والترويع” معروفة في الحرب والسياسة، فعليك أن تصدّم خصمك أولاً وأن تُرهبه بل تُروّعه بما تمتلك من أسباب القوّة ورباط الخيل ثانياً! حتى يستسلم، أمّا ثالثاً فسوف تكون المعركة مفتوحة تُستخدم فيها كلّ أنواع الاسلحة المتاحة من الطرفين!
الحكومة صدمت الأردنيين بقرارات غير مسبوقة في التاريخ، اللهم إلاّ إذا استثنينا فرمانات الحكومة العثمانية أيام “سفر برلك“، حيث الضريبة على كلّ شيء، حتى أخذ الرجال بمن فيهم العجائز إلى الحرب، وحينها كانت امبراطورية عثمان تلفظ سنواتها الأخيرة.
ولا سمح الله، فالأردن باق وسيظلّ قوياً، وهو ليس في حرب، وصحيح أنّه يخوض أوقاتاً صعبة ولكنْ من قال إنّه لم يكن كذلك على الدوام، بل مررنا بأوقات أصعب من هذه بكثير، ولكنّ مطبخ الحكومات كان يستطيع أن يُقدّر أساليب المواجهة، وليس بينها بالطبع “صدمة وترويع” الأردنيين، فيلجأ إلى اجتراح الحلول ولو على مراحل.
ما نقوله إنّ ما قامت به الحكومة من اجراءات درامية قاسية كانت “الصدمة”، وأنّ توقيف الزميلين المحارمة والزيناتي هو أوّل “الترويع”، بحيث لا يكون هناك صوت معارض، ولا تكون هناك وسائل اعلام أردنية قادرة على التعبير عن رأي الأردنيين، ولا اعلاميون أردنيون مسموح لهم بأن يكونوا ضمير الناس، والله يسترنا من المقبل!
السبيل 2018-01-18