موقف المدينة نيوز : عيد ميلاد الملك
المدينة نيوز - كتب المحرر السياسي - : عندما يكون عيد ميلاد الملك محطة للوقوف والتأمل : ماذا أنجزنا ، وماذا لم ننجز ، وماذا فعل القائد لشعبه ، فإننا لا نملك إلا أن نرفع القبعات ونتلو الصلوات ليحفظ هذه القيادة المظفرة ، والتي نذرت نفسها وعمرها وسهرها لشعب أحبها وبايعها وأعلن ولاءه له في السراء والضراء ، وهكذا هو دأب الأردنيين عند من يحبهم ، ويعلي شأنهم ، ويوصلهم إلى بر الأمان وسط بحار تضج بالموت والدماء والغربة .
يحق للأردنيين أن يفتخروا بأنفسهم وببلدهم وبقيادتهم ، ويحق لهم دون الآخرين ، أن يهنأوا بهذا الحمى العربي الهاشمي الذي ظل بقيادته المظفرة عصيا على الإنكسار ، وقويا على الضغوط ، ولقد راينا كيف أن إسرائيل التي تخضع لها دول عظمى انحنت أمام إصرار الملك على الإعتذار ، وتحسبت لنفرته المظفرة ضد ضم القدس واعتبارها عاصمة للكيان العبري ، عندما قاد الملك حملة دولية انتهت بإجماع إسلامي على بطلان الإجراءات الإسرائيلة في المدينة المقدسة ، ونقل أي سفارة إليها .
وإذا كانت الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس تفرض نفسها هذا الأوان بعد رفع الدعم عن السلع المختلفة ، فإنه يسجل للقيادة بأحرف من نور انتصارها للشعب ورفضها رفع الأدوية وإيجاد حلول عصرية للمشاكل الإقتصادية ومكافحة الفساد وتعميم الرقابة حتى على موظفي الديوان الملكي نفسه وتأكيدها في كل أوراقها النقاشية ، أن المواطن هو الأساس وهو المبتدأ والخبر ، ولا نبالغ إذا قلنا أن ما تضمنته الأوراق في واد ، وتطبيقات الحكومات في واد ، حيث اعتمدت سياسة أقل كلفة عليها تتمثل بالضرائب ورفع الدعم واقتحام جيوب الناس الفارغة أصلا .
وإذا كان لا بد من الصراحة والحديث في العمق وبلا رتوش ، فإن علم الأقتصاد يخبرنا بأنه إذا بلغ الدين العام في أي دولة نسبة أقل بكثير مما بلغها في الأردن ، فإن هذه الدولة ستنهار فورا وبلا جدال ، وليست تجربة اليونان عنا بعيدة ، لولا تدخل الإتحاد الأوروبي الذي أنقذها بمئات المليارات ، فكيف وقد وصلت نسبة الدين إلى الناتج الإجمالي لحدود 93 % ، ولا زال البلد صامدا رغم أنه ليس لدينا اتحاد أوروبي ينجدنا ، ولا دول غنية تسعفنا ..
إنها حنكة القيادة التي تعرف أهمية بلدها وموقعه الجيوسياسي والأستراتيجي رغم شح موارده ،ولقد أحسنت استغلال ذلك وغيره ، وفرضت على العالم احترام الأردن والحفاظ على بقائه واستمراره قويا في مواجهة كل التحديات ، سواء أكانت إرهابية أم سياسية ، أم اقتصادية ، ولنعترف أنه لولا مكانة الملك الدولية وحنكته وقدرته على المناورة ، وانتماء الأردنيين لبلدهم لوقع للبلد ما لا يحمد عقباه .
يحق لنا أن نحتفل بعيد ميلاد القائد الذي تمكن من السير بنا إلى بر الأمن والأمان وسط محيط دام ومضطرب ، والمحافظة على بقاء هذه الدولة الصغيرة بحجمها ، الكبيرة بشعبها ، والتي ستجتاز بإذن الله كل الصعاب التي تعترضها نحو السؤدد والفخار كما هو دأبها دائما .