عندما يخاصم المواطن حكومته قضائيا
توقيع نواب على وثيقة لطرح الثقة بالحكومة أداء سياسي وتعبير عن موقف وليس اكثر من ذلك، ويدرك النواب الامر وان الحكومة لن تسقط حتى وان جرى تصويت على ذلك. اما الغاية فانها بالمحصلة لن تردع الحكومة التي ستستمر بسياستها نفسها واكثر من ذلك تحث الخطى لتطبيق قراراتها الاخيرة، ولن يجد النواب وسيلة لجعلها تتراجع مجرد قيد انملة اذ ان التركيب العام لمجلس النواب اساسه الفردية رغم كتلة الاصلاح فيه التي لن تغير امرا رغم تماسكها.
وفي واقع الامر كان الاولى لحزب جبهة العمل الاسلامي ان ينشط عبر نوابه في الكتلة للضغط عبر الشارع باعلان رفض سياسة الحكومة والمطالبة برحيلها، وهو الحزب الخبير في تنظيم العمل الجماهيري دون فوضى وبما تسمح به الظروف، وبدلا منه تدعو الان قوى شعبية غير مؤطرة للخروج الى الشارع والتجمع لاعلان رفض قرارات الحكومة وحتى المطالبة برحيلها.
ورغم ان التحذيرات من مغبة ما يمكن ان تعكسه قرارات الحكومة المالية مستمرة من شتى المستويات إلا ان الحكومة ترى عكس ذلك، وان اجراءاتها لن تؤثر على حياة الناس وهي تظهر واثقة وقوية، وانها تتفوق على النواب ولم تخش اساسا من ردود فعل وتركن الى كونها متسلحة بما له ان يمنع مظاهر احتجاج مؤثرة، وكانت اساسا لا تخشى موقفا حادا من النواب الذين أفاضوا بالكلام والتهديد وسرعان ما انهارت عقيرتهم عندما مررت موازنة الدولة بأسرع مما تخيلوا مسجلة رقما قياسا غير مسبوق في تاريخ الدولة.
الان، ينبغي العلم ان الاغلبية الساحقة ممن تنطبق عليهم شروط التعويض بدل رفع اسعار الخبز قد تقدموا بطلباتهم حسب الاصول بما يعني خضوعا للقرار، وعلى الحكومة ان تفي بوعدها اذ انه لغاية الآن كثر الذين تقدموا ولم تصلهم اجابات قبول او رفض، والامر حقهم وقد عانوا سابقا من حرمان جراء اجراءات وشروط لم تكن معلومة او معلنا عنها، ولن يكون غريبا اذا ما تقدم مواطن بسبب ذلك بشكوى قضائية ضد الحكومة من أجل تحصيل ربما اقل من 100 دينار.
السبيل 2018-02-01