المواطن الحريص
في نهاية الشهر الماضي تقريبا، جرت عملية سطو مسلح على أحد البنوك وسط العاصمة، وهي كانت أول عملية سطو مسلح على بنك هذا العام، وقد تكون أول عملية سطو على بنك منذ عدة سنوات. واثارت هذه العملية ردود فعل عديدة للمواطنين، صنف بعضها، أنها متعاطفة مع اللص ومع الجريمة، ما دعا مديرية الامن العام للتحذير من هذا التعاطف الذي يساهم بالتشجيع على السرقة والنهب.
ولن نناقش تصنيف التعاطف آنذاك مع اللص، مع أن أغلبية ردود الفعل كانت مستنكرة، فيما التي صنفت أنها متعاطفة، كانت تحمل في ثناياها سخرية من اللص.
وهذا ما أثبتته عملية السطو المسلح أول من أمس الخميس على فرع للبنك العربي في منطقة المدينة الرياضية. فالمواطنون الذين تواجدوا اثناء العملية في محيط البنك، لم يرهبهم قيام المجرم باطلاق النار، بل طاردوه رغم الخطر الشديد الذي يحيق بهم جراء الرصاص، ولم يتركوه إلا بعد ان القوا القبض عليهم.
لم يرهبهم الرصاص، مع أن المال لايعود لهم، وانما لبنك. وهذه الصورة تعطي انطباعا واضحا وجليا عن شجاعة وجرأة وحرص المواطن الأردني على الاخلاق والمال العام، ورفضه كليا الممارسات غير الاخلاقية وغير القانونية.
وقد أظهرت هذه العملية النخوة التي ليست غريبة على المواطن الأردني، وإنما هي جزء من كينونته وحياته، مثبتة بطريقة لا تقبل الشكّ بأن المواطن لا يتراجع عن إحقاق الحق، حتى ولو كانت حياته معرضة لشتى أنواع الخطر.
هذه البطولة، والشجاعة والجرأة كانت مثار تثمين من قبل مديرية الامن العام، التي شكرت المواطنين الذين ساعدوا رجال الامن العام بالقبض على المجرم الذي لم يستطع أن يفر من مكان الجريمة بـ"غنيمته".
لم يتعاطف المواطنون الذين تواجدوا بمحيط البنك، مع المجرم، ورفضوا إلا أن يشاركوا في القبض عليه، وكانت مشاركتهم حاسمة، فأحبطت عملية سطو مسلح.
أعتقد، أن مشاركة المواطنين بالقبض على اللص، وإفشال وإحباط عملية السطو المسلح، ستدفع المجرمين للتفكير قبل الاقدام على مثل هذه الجرائم وقد تحد منها بعد أن تزايدت مؤخرا لتصل إلى 15 عملية سطو مسلح خلال اقل من شهر واحد.
المواطن الأردني يثبت في كل يوم أنه يحافظ على بلده، وأنه يرفض أي ممارسات تضر بها، وأنه لن يسمح بالاساءة لها مهما كان الثمن.
الغد 2018-02-10