جاويش اوغلو في عمان
زيارته تقع في اطار تطوير العلاقات الاردنية التركية؛ وهي تؤكد على معالم هذا التطور سواء في المجال التجاري والاستثماري او في المجال السياسي؛ اذ اكد وزير الخارجية التركي « مولود جاويش اوغلو «على اهمية تطوير العلاقات التجارية وتنشيط السياحة التركية باتجاه الاردن وتكثيف الرحلات الجوية من تركيا الى الاردن.
المعابر البحرية نالت نصيبها فزيارة السفير التركي في عمان «مراد كاراغوز» للمنطقة الحرة في العقبة ومينائها البحري لم يمض عليها اسبوع اشاد فيها بالمستوى المتطور للخدمات المقدمة في الميناء؛ ما يعني ان الرحلات البحرية المنتظمة ستتحول الى حقيقة واقعة بين البلدين.
جاويش اوغلو ربط التطور في العلاقات الاقتصادية في الجانب السياسي، اولا من خلال دفاعه عن موقف الاردن من القدس بما فيها الرعاية والوصاية الهاشمية على المقدسات؛ ذلك ما جاء اثناء الجلسة الحوارية المعقودة في مؤتمر الامن المعقود في ميونخ الالمانية؛ ففي رده على الامين العام للجامعة العربية اشاد اوغلو بالدور والموقف الاردني ودافع عنه وحذر من خذلانه، والثاني من خلال تأكيده على ضرورة تكثيف زيارة مواطنيه الاتراك الى مدينة القدس مرورا بالمملكة الاردنية الهاشمية معززا بذلك من مكانة الاردن في رعاية الاماكن المقدسة بجعلها بوابة القدس الرئيسية.
زيارة وزير الخارجية التركي مقدمة لزيارة مرتقبة للرئيس التركي اردوغان الى المملكة وهي الزيارة الثانية المتوقعة في اقل من ثلاثة اشهر؛ اذ تعد دليلا واضحا على تطور العلاقات وتناميها في كافة الجوانب؛ فالبلدان يملكان مصالح مشتركة تتقاطع في سوريا والعراق وفلسطين المحتلة.
ذلك ان سوريا لم تغب عن لقاء اوغلو في الاردن؛ اذ استثمر وزير الخارجية التركي المنبر الدبلوماسي الاردني في وزارة الخارجية بالقول ان تركيا لاتمانع في دخول قوات النظام السوري الى عفرين لمحاربة التنظيم الارهابي الـ PYD والذي يعد امتدادا لتنطيم الـ PKK؛ وهي اشارة واضحة الى تأكيدة على وحدة التراب السوري ومن منبر عربي ممثل بالمملكة الاردنية؛ رسالة للعرب ومن منبر عربي؛ فيها رد حاسم على الادعاءات بان لتركيا اطماعا في سوريا كما ان فيها مؤشرات واضحة على ان تركيا لا تمانع في التعامل مع النظام السوري مع احتفاظها الحق بوضع قيود على العلاقة مع رأس النظام السوري بشار الاسد؛ ذلك حالها في التعامل مع عدد من النظم في العالم فرغم خلافها مع مصر والقيادة السياسية ممثلة في الرئيس السيسي؛ الا انها لم تمانع بتطوير العلاقات والانفتاح على النظام الساسي المصري امر عبرت عنه في اكثر من منبر على لسان وزير خارجيتها ورئيس وزرائها.
السياسة التركية مرنة ومتفهمة ولديها الكثير من المصالح المشتركة ونقاط التقاطع مع الدول العربية؛ فانقرة تسعى الى ترسيم حدودها المائية والحفاظ على ثروتها من الغاز الطبيعي حالها كحال لبنان التي تظهر صلابة كبيرة في التعامل مع الاطماع الصهيونية؛ لبنان الدولة العربية في موقفها من حقول الغاز والمياه الاقليمية والنطقة الاقتصادية الخاصة لا تختلف عن تركيا التي تقف بالمرصاد لاطماع الكيان الاسرائيلي في ثرواتها في البحر المتوسط؛ فالكيان يتعاون مع الحكومة اليونانية ويجري معها مناورات استفزازية شرق المتوسط في حين تتعاون بعض الدول العربية مع اليونان وتنفتح على الكيان الاسرائيلي متجاهلة تركيا.
الاشكال الاساسي في العلاقة مع تركيا يكمن في مدى تعريف الدول العربية لمصالحها ولمدى مرونتها واستقلالية قرارها؛ امر تتمتع به تركيا ويعطيها ميزة تفتقدها العديد من الدول العربية للاسف.
ختاما فان تطور العلاقات الاردنية التركية يعطي الاردن مساحة اوسع للمناورة لتحدي الضغوط السياسية والاقتصادية؛ كما يقدم لها فرصة لاستعادة التوازن السياسي والاقتصادي في ظل الحصار الذي تعانية المملكة الناجم عن تكاثر الصراعات الاقليمية والاضطرابات في دول الجوار العربي؛ فرصة استثمارها يعد خطوة متقدمة في السياسة الخارجية الاردنية؛ ومؤشرا صحيا على امكانية التعافي من صدمات الاقليم وازماته السياسية والامنية والاقتصادية.
السبيل 2018-02-20